اخر الاخبارعربي ودوليهام

تجدد الاشتباكات في حلب: تسخين يسبق جولة الخميس الحاسمة


عبدالمنعم علي عيسى

حافظت خرائط السيطرة داخل مدينة حلب على حالها ما بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام المنصرم، وما جرى هو أن قوات الحكومة السورية الجديدة كانت قد بسطت سيطرتها على المناطق التي كان النظام السابق مسيطرا عليها، أما حيّا «الشيخ مقصود» و «الأشرفية»، اللذان كانا تحت سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية – قسد»، فقد بقيا على حالهما تحت سيطرة هذه الأخيرة، حيث سيشهد الحيان توترات عديدة على خطوط التماس مع المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية الجديدة، وآخرها كان شهر تشرين الأول المنصرم، حيث شهد هذا الشهر الأخير اشتباكات عديدة أفضت في النهاية إلى توصل الطرفين إلى اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، وهو الاتفاق الذي ظل صامدا حتى مساء الاثنين الفائت، حيث سيشهد هذا الأخير تجددا للاشتباكات بين الطرفين، فيما تبادل الطرفان الاتهامات حيال التسبب باندلاعها، ففي الوقت الذي ذكرت فيه الحكومة السورية أن تلك الاشتباكات كانت قد وقعت «بعد استهداف قناصة ( قوات قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين»، ألقت «قسد» بمسؤولية الفعل على عاتق هذه الأخيرة من دون تقديم رواية مفصلة عن كيفية حدوث ذلك، وبعد ساعات من القصف المتبادل أعلنت وزارة الدفاع السورية عن أن «قيادة الأركان أصدرت أمرا بإيقاف مصادر نيران قسد، بعد تحييد عدد منها»، وفقا لما جاء في بيان الوزارة الذي نقلته عنها وكالة <سانا» الرسمية، وتلا ذلك بيان صادر عن قيادة < قسد» أعلنت من خلاله عن إصدار توجيهات لقواتها «بإيقاف الرد على الهجمات التي تقوم بها فصائل الحكومة السورية>، وأضاف البيان أن ذلك جاء «تلبية لاتصالات التهدئة الجارية»، والشاهد هو أن وكالة الصحافة الفرنسية كانت قد أشارت في تقرير لها إلى جهود حثيثة قام بها كل من توم براك، المبعوث الأميركي الخاص، وبراد كوبر، قائد القيادة المركزية الأميركية، لـ<الوصول إلى وقف سريع لإطلاق النار ما بين الحكومة السورية و( قوات سوريا الديموقراطية) في حيي ( الشيخ مقصود) و( الأشرفية) عند مدخل حلب الشمالي»، وقد أفادت وكالة <سانا» الرسمية بوقوع «قتيلين من المدنيين، وإصابة ثمانية آخرين بجروح»، وبدورها أعلنت<قسد» عن مقتل «امرأة، وإصابة ستة مدنيين بجروح».


ربطت العديد من التقارير ذلك التصعيد بالزيارة التي كان يجريها وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، والذي كان يضم كلا من وزيري الخارجية والدفاع إلى جانب رئيس الإستخبارات التركي، ولعل في الأمر بعض ما يدعو إليه، خصوصا أن حقان فيدان، وزير الخارجية التركي، كان قد عمد إلى إطلاق سلسلة من التصريحات حمل فيها على «قوات سوريا الديموقراطية»، متهما إياها بالمماطلة في تطبيق «اتفاق 10 آذار»، الموقع ما بين الرئيس السوري ومظلوم عبدي، كما أشارت بعض التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أتراك إلى «وجود تنسيق ما بين ( قوات قسد) وبين اسرائيل >، ليضيف هؤلاء إن ذلك الفعل هو الذي «يؤخر التوصل إلى نتائج ايجابية» في هذا السياق، وبهذا المعنى يصح توصيف ما جرى على إنه كان أشبه بـ«تسخين»، يبدو لازما، قبيل أن تنعقد جولة التفاوض الحاسمة بين الطرفين يوم الخميس ( غدا) المقبل.

كتب صالح الحموي، القيادي السابق بـ«هيئة تحرير الشام»، والمقرب في حينها من زعيمها أحمد الشرع، على صفحته الشهيرة بـ<أس الصراع في بلاد الشام»، أن الطرفين، الحكومة السورية و«قوات قسد»، قد توصلا إلى مسودة توافقات قد تمهد لتوقيع اتفاق شامل خلال جولة الخميس، التي ستكون كالفرصة الأخيرة، وأضاف الحموي أنه تم التوافق على «منح ( قسد) 3 فرق كاملة على أن تكون تحت قيادة مظلوم عبدي»، شريطة أن  «تتخلى ( قسد) عن بند إخراج فرقة ترافق التحالف الدولي في عملياته ضد ( داعش) غربي نهر الفرات»، مع موافقة الحكومة السورية على «منح 100 رتبة لقسد ( داخل وزارة الدفاع) منها 10 ألوية»، وفي وقت لاحق لذلك الاتفاق ستعمد الحكومة السورية إلى «افتتاح مكاتب لها في مخيم الهول، وسجون ( داعش)، على أن تبقى حراسة هذه الأخيرة من اختصاص( قسد) وحدها»، كما تنص المسودة، وفقا لما جاء في منشور الحموي، على أن» تلتزم ( قسد) بعدم مخاطبة أي دولة»، وأن» أي وفد يجب أن يزور دمشق لا مناطق سيطرة ( قسد) «، التي يجب عليها أيضا «الامتناع عن دعم الساحل، والسويداء، أو أي تمرد آخر ضد السلطة السورية»، وفي مقابل ذلك ستمنح المناطق التي تسيطر عليها تلك القوات <لامركزية إدارية كاملة»، أما «قضايا النفط، وطرق تقاسمه، فسوف تتحدد باتفاقات لاحقة بين الحكومة و ( قسد) والشركات المستثمرة»، وقد أكد الحموي أن «هذا الاتفاق سيكون موثقا بضمانات أميركية وأوربية».

تشير الكثير من المعطيات إلى «واقعية» البنود الواردة في المسودة السابقة، وإلى أنها أقصى ما يمكن لـ» قسد» أن تتحصل عليه، فالمزاج العام الأميركي، الداعم الأول لهذه الأخيرة، قد تغير بشكل كبير، ومن المؤكد هو أنه سوف يتغير أكثر إذا ما حاولت» قسد «التهرب، أو المماطلة، بغرض شراء الوقت.

الديار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى