اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

محاولة اسرائيلية لضرب وحدة الجيش… وهيكل يردّ


ميشال نصر

في لحظة لبنانية مثقلة بالتقاطعات الخطرة والحساسة، يبدو المشهد العام واقفا على حافة توازن هش بين الأمن والسياسة والاقتصاد، وسط تطورات دراماتيكية تتخطى سرعتها سرعة الدولة على التعامل معها واحتوائها.

فمع انشغال الساحة السياسية، بتصريحات رئيس الحكومة الجازمة في ما يتعلق بالانتقال إلى بحث مسألة «حصر السلاح» شمال الليطاني، في موقف غير مسبوق من حيث الوضوح والتوقيت، فتح الباب من جديد على سجال واسع، مرشح لان يتحول الى اشتباك، في وقت سيفتقد فيه اللبنانيون زيارات الموفدين الدوليين، المعلقة لما بعد بداية السنة الجديدة.

أمنيًا، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية بتصاعد لافت في الوتيرة والنطاق الجغرافي، متجاوزة «قواعد الاشتباك» وموسعة بنك أهدافها، في رسالة ضغط متعددة الاتجاهات، لا تنفصل عن سياق إقليمي محتدم ولا عن محاولة فرض وقائع جديدة على الساحة اللبنانية. وفي قلب هذا المناخ المتوتر، جاء اغتيال شخصية محسوبة على النظام السوري السابق داخل الأراضي اللبنانية، ليضيف المزيد من التعقيد، ويطرح أسئلة حساسة حول هشاشة الساحة الداخلية، حدود الاختراق الأمني، واحتمالات الانزلاق إلى مسارات أمنية أكثر خطورة.

اما، اقتصاديا، فلا تقل الصورة قتامة، فالحكومة تخوض «نقاشا شائكا» حول مشروع قانون «الفجوة المالية»، الذي يفترض أن يشكل حجر الزاوية في مقاربة الخسائر وإعادة هيكلة النظام المالي، لكنه سرعان ما تحول إلى ساحة اشتباك سياسي ومالي واجتماعي، من اعتراض المصارف، الى مخاوف المودعين، مرورا بتحفظات القوى السياسية المرتبطة بحسابات انتخابية، ما عكس انعدام الثقة العميق بين الدولة ومواطنيها، كاشفا حجم المأزق الذي تواجهه السلطة التنفيذية في محاولة تمرير قانون يوصف بأنه «إصلاحي» فيما ينظر إليه شعبيا كتحميل إضافي لكلفة الانهيار.

هكذا، ورغم دخول البلاد مدار عيدي الميلاد وراس السنة، يقف لبنان على اعتاب اسبوع طالع، قد يطبع بسماته العام المقبل، عناوينه: ضغط أمني متصاعد، اقتصاد يترنح تحت ثقل الخلافات، تطرح معها سؤالا مصيريا: هل يملك ترف إدارة هذه الأزمات المتزامنة، أم أنه يقترب من لحظة الانفجار الشامل؟

توريط للجيش؟

ففي تطور لافت ينذر بنقل المواجهة الى مكان آخر، شكّل إعلان «إسرائيل» عن استهداف احد جنود الجيش اللبناني باعتباره «متعاون مع حزب الله»، تطورا بالغ الحساسية، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى الرسائل السياسية والاستراتيجية التي تقف خلف هذا الإعلان وتوقيته. فـ «تل ابيب» عبر إخراج العملية إلى العلن وربطها مباشرة بالمؤسسة العسكرية، لا تكتفي بتوجيه «ضربة موضعية»، بل تسعى إلى توسيع دائرة الاشتباك النفسي والسياسي داخل لبنان، خصوصا انها أصحبت الاعلان بصورة جمعته بشابين كانا برفقته.

اوساط وزارية، اشارت الى ان «اسرائيل» تحاول ضرب صورة الجيش كمؤسسة جامعة تحظى بإجماع الداخلي ودعم خارجي، خصوصا بعد نجاحه في اسقاط الروايات الاسرائيلية وفرض قواعد اشتباك جديدة، قلب موازين القوى لمصلحته، محاولة الإيحاء بوجود «اختراق» أو «تعاون» بين أفراد من الجيش وحزب الله يهدف إلى زرع الشكوك داخل البيئة اللبنانية نفسها، وإلى إرباك العلاقة الدقيقة بين الجيش والمقاومة، فضلًا عن توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الحدود بين الدولة والحزب باتت، وفق الرواية الإسرائيلية، غير واضحة.

وتابعت الاوساط، على المستوى السياسي، يأتي هذا الإعلان في سياق الضغط المتصاعد على لبنان، في ظل النقاشات الدولية حول دور الجيش جنوب الليطاني، ومستقبل القرار 1701، ومسألة حصرية السلاح، عشية التقرير المنتظر لقائد الجيش في التاسع من الشهر المقبل وما سيحمله معه، متخوفة من ان تكون الخطوة جزءا من حملة أوسع لتبرير أي تصعيد لاحق، أو لتوسيع بنك الأهداف، عشية قمة ترامب – نتانياهو المنتظرة.

واكدت الاوساط، ان الدولة اللبنانية تتعامل مع الموضوع بجدية ودقة ومهْنية ومسؤولية، وهو ما ظهر في ردي وزير الدفاع وقيادة الجيش، وعبر عنه قائد الجيش خلال اجتماعه بكبار الضباط، في اطار حماية وتحصين المؤسسة العسكرية من محاولات التشويه، ومنع تحويل الحادثة إلى أداة فتنة داخلية، «فالمعركة هنا ليست أمنية فقط، بل معركة سرديات وشرعية».

خطف ضابط

علما ان ساعات المساء كانت حملت تطورا هاما مع كشف، مصادر خاصة بالديار معلومات عن خطف المخابرات الاسرائيلية، في عملية معقدة، ضابطا متقاعدا من الامن العام، هو النقيب احمد شكر، بعد استدراجه على ما يبدو الى منطقة الصويري، حيث رصدت اشارات هاتفه الخليوي لمدة 37 ثانية قبل ان تعود وتختفي، ما يرجح ان يكون قد تم نقله الى داخل الاراضي المحتلة عبر منطقة جبل الشيخ، ومعه <مرافقه> وهو من آل كساب، حيث برزت فرضيتان، الاولى عن امكان ان يكون متعاونا مع المجموعة الخاطفة وغادر معها، والثاني، ان يكون تم خطفه ايضا.

الميكانيزم

وعشية الاجتماع المتوقع للميكانيزم في التاسع من كانون الثاني، والذي سيحدد على ما يبدو مسار الفترة المقبلة، وفقا لاكثر من مصدر ديبلوماسي، كشفت المعطيات ان الاجتماع الاخير كما الاتصالات الجارية، بينت وجود اختلاف بين الرؤيتين الفرنسية والاميركية لجهة مستقبل عمل <الميكانيزم>، كذلك في ما خص آلية التحقق من انجاز الجيش لمهامه جنوب الليطاني، وهي <مهمة> اعتبر وزير الخارجية ماركو روبيو، خلال عشاء في البيت الابيض، <انها تشكل النقطة الاساسية التي سيبنى عليها لجهة التعاطي مع الدولة اللبنانية وجيشها خلال الفترة المقبلة>.

وفي هذا الاطار تكشف المعطيات ان الجانب العسكري اللبناني <امتنع> خلال الجلسة الاخيرة عن مغادرة قاعة الاجتماعات في الناقورة، لحصر الاجتماع في قسمه الثاني بالمدنيين فقط، انطلاقا من القرار اللبناني بـ <وحدة التفاوض ووحدة الوفد>، وهو ما وتر اجواء الاجتماع، علما انه في المرة التي سبقت <منع> رئيس الوفد العسكري من المشاركة في لقاء التعارف بين المدنيين.

قائد الجيش

وكان عقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل في اليرزة، امس، اجتماعًا استثنائيًّا، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية، وعدد من الضباط، وتناول فيه آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية، وسط استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية.

اجتماع قرأت مصادر مطلعة، بما صدر فيه من مواقف، بيانا سياسيا – أمنيا محسوبا بدقة، يهدف إلى تثبيت موقع المؤسسة العسكرية، وتحصين الجيش في وجه ضغوط متعددة الاتجاهات في قلب المعادلة الوطنية والإقليمية في مرحلة شديدة الحساسية، مكرسا واقع أن الجيش بات عمليًا في قلب الاستهداف الإسرائيلي، سواء عبر الغارات المباشرة أو عبر الحملات السياسية والإعلامية التي تشكك في عقيدته ودوره.

وتابعت المصادر، بان العماد هيكل اعادة التاكيد على ثوابت العقيدة العسكرية: الانضباط، الوحدة، وعدم الخضوع للضغوط، في ظل محاولات داخلية وخارجية لزج الجيش في صراعات السرديات، أو تصويره كأداة ضمن نزاع أكبر يتجاوز قدرته، مقدما قراءة وقائية تهدف إلى منع تسييس المؤسسة أو استخدامها كأداة ابتزاز في النقاش الدائر حول السلاح والجنوب.

وختمت المصادر، بانه في اشارته إلى لقاءاته في فرنسا والمؤتمر المرتقب لدعم الجيش، ربط بين «الثقة الدولية» و «الأداء الميداني»، في رد غير مباشر على الرواية الإسرائيلية التي تسعى إلى تقويض شرعية أي دعم للجيش، مبرزا التعاون مع اليونيفيل ولجنة «الميكانيزم» كعنصر شرعية إضافي يعزز موقع الجيش في أي آلية أمنية مستقبلية، مؤكدا ان اليرزة «تستعد لمرحلة أشد تعقيدا».

بلبلة أمنية

وفي الامن ايضا، وفي تطور بالغ الدلالة، سجل العثور على جثة المعارض السوري، غسان نعسان السخني، الذي كان يرأس مجموعة «الطراميح» التابعة للفرقة 25 بقيادة العميد سهيل الحسن، بعد ثلاثة ايام على اختفائه من منطقة كفرياسين حيث يقيم، في منطقة تلة ابو عضل بين بلدتي الصفرا وادما، صدمة لبنانية، في ظل المعلومات التي تحدثت عن مطالبة سورية رسمية بتسليم دمشق عددا من الضباط السوريين، الموجودين في لبنان، في اطار الصراع المفتوح بين «دمشق الشرع» ومعارضيها، وسط المخاوف من تحول لبنان إلى صندوق بريد لتبادل الرسائل الدموية.

ووفقا للمعلومات الامنية فان عملية القتل تمت بعد استدراجه من قبل مجهولين، كان قد تواصل معهم على ما يبدو، ووعدوه بتسوية اوضاعه مع النظام الجديد، حيث تم التعرف الى نوع السيارة التي استقلها من منزله وهي من نوع «هيونداي» بيضاء اللون، دون ان تتمكن التحريات حتى الساعة من تحديد هوية سائق السيارة الذي اقله.

مصادر متابعة اشارت، الى ان الاجهزة الامنية تعاملت مع الملف على درجة كبيرة من الاهمية وتحركت بشكل سريع خوفا من تداعيات استثمار الملف لاضفاء الزيت على نار العلاقات اللبنانية – السورية المتوترة، اساسا، على خلفية ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، والذي ترفض دمشق اي تقدم في العلاقات بين البلدين او حل للملفات الاخرى قبل اقفال هذا الملف، في مقابل اصرار لبناني على عدم التهاون في ما خص المعتدين على الجيش والابرياء.

وتابعت المصادر بانه نتيجة الجهود التي بذلت والمتابعة الفنية، تمكنت مديرية المخبرات السوري من توقيف المتهم و. داغر، في منطقة تلبيرة في عكار، والذي اقدم على قتل مواطنه غسان نعسان السخن، باطلاق النار عليه من مسدس، على خلفية بيع منزل في الشام عائد له، ولم يستوف كامل ثمنه في منطقة السومرية، بعدما كانت انتشرت معلومات عن ان الاسباب امنية او سياسية، قبل ان يتبين انها مجرد شائعات، وان الاسباب مالية شخصية.

الديار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى