الشذوذ الجنسي على Netflix وDisney.. رسائل تنتهك حرمة الطفولة!

| ناديا الحلاق |
شهد العقد الأخير تصاعداً ملحوظاً في إدراج الشخصيات الشاذة في محتوى الأطفال، سواء في الرسوم المتحركة أو الأفلام أو البرامج التعليمية، مع دور بارز لشركات عالمية كبرى مثل Netflix وDisney.
هذه الظاهرة، التي يُسوّق لها على أنها خطوة نحو التنوع والقبول، تحمل في حقيقتها خطورة غير قابلة للتجاهل على الأجيال الناشئة، وتستدعي وقفة نقدية صارمة وفهمًا معمّقًا لتأثيراتها على الطفل والمجتمع.
على منصة Disney، يمكن ملاحظة ذلك في برامج مثل The Owl House – بيت البومة، الذي يتضمن شخصيات رئيسية بعلاقات شاذة واضحة، وAndi Mack – آندي ماك الذي يعرض قصة فتى يكتشف ميوله الشاذة ضمن إطار درامي عائلي، وThe Proud Family: Louder and Prouder – عائلة براود الذي يقدّم زوجين من نفس الجنس كوالدين لأحد الأطفال، بالإضافة إلى High School Musical: The Musical: The Series وStrange World – عالم غريب حيث تظهر هويات جنسية متنوعة ومراهقون بميول جنسية شاذة.
على منصة Netflix، تشمل الأمثلة برامج مثل She-Ra and the Princesses of Power التي تتضمن شخصيات نسائية بعلاقات شاذة واضحة، وKipo and the Age of Wonderbeasts حيث يعرّف أحد الأبطال المراهقين نفسه كمثلي، وThe Dragon Prince – أمير التنانين وDead End: Paranormal Park وRidley Jones وCentaurworld التي تضم بدورها شخصيات من نفس الجنس أو بهويات جنسية متنوعة، سواء كشخصيات رئيسية أو ثانوية.
وفي هذا الإطار، أشارت اختصاصية علم النفس ريهام منذر إلى أن الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة والسنوات الأولى من المرحلة الابتدائية يمرون بمرحلة نمو معرفي وانفعالي لم تكتمل فيها بعد القدرة على فهم المفاهيم المجردة المرتبطة بالهوية الجنسية، أو التمييز الواضح بين أنواع العلاقات الإنسانية. في هذه المرحلة، يعتمد الطفل في تفسير ما يتعرّض له على الخيال والانفعال أكثر من الفهم التحليلي أو النقدي.
وأوضحت أن “تعرّض الأطفال لمحتوى يتجاوز جاهزيتهم النمائية، سواء كان ذا طابع جنسي صريح أو يحمل رموزاً ومعاني معقدة، قد يؤدي إلى حالة من الارتباك المعرفي والانفعالي، وقد يظهر ذلك على شكل قلق مبكر أو صعوبات في تنظيم المشاعر، خصوصاً في حال غياب التوجيه الأبوي أو الإطار التفسيري المناسب”.
وكشفت أن الدراسات لا تشير إلى علاقة سببية مباشرة أو حتمية بين هذا التعرّض وتكوّن اضطرابات في الهوية، مؤكدة أن الأثر يتحدد بعوامل متعددة، من بينها السياق العلائقي، ومستوى الأمان النفسي، وطبيعة الرسائل المقدمة.
أما بالنسبة لتحصين الأطفال وحمايتهم من التعرض لمثل هذا النوع من المحتوى، أوضحت منذر أن “العملية ليست منعًا مطلقًا أو قمعًا للمعلومة، بل هي عملية نمائية وقائية تقوم على مواءمة المحتوى مع المرحلة العمرية، حيث أن المفاهيم المتعلقة بالمثلية الجنسية، بما تحمله من أبعاد اجتماعية وهوياتية وجنسية، تُعد مفاهيم معقدة تتطلب مستوى أعلى من النضج المعرفي والانفعالي”.
ولفتت إلى أن المقاربات التنموية توصي بتأجيل تعرّض الطفل المباشر لهذه الموضوعات إلى مراحل يكون فيها قادرًا على الفهم الرمزي، والتفكير المجرد، وتنظيم المشاعر بشكل أفضل.
وشددت منذر على أن الوالدين يلعبان دورًا محورياً في تنظيم بيئة الطفل الإعلامية، ومراقبة المحتوى الذي يتعرّض له، وتقديم إجابات بسيطة ومحدودة عند طرح الأسئلة، من دون الخوض في تفاصيل تتجاوز قدرة الطفل على الاستيعاب. فالأمان النفسي في الطفولة لا يتحقق عبر وفرة المعلومات، بل عبر الوضوح، والثبات، والإحساس بأن العالم مفهوم ويمكن التنبؤ به.
وعلى المستوى الاجتماعي والثقافي أوضحت منذر، أن نمو الطفل يحدث ضمن أنظمة بيئية متداخلة تشمل الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام. وعندما يتعرض الطفل لرسائل إعلامية تتعارض مع القيم والمعاني التي يتلقاها في محيطه الأسري، قد ينشأ صراع داخلي أو ارتباك في المرجعيات، ما قد يؤثر على شعوره بالاستقرار النفسي والأمان الانفعالي.
لذلك، تؤكد المقاربات العلمية الحديثة على أهمية مراعاة التوقيت النمائي، والسياق الثقافي، ودور الأسرة في تقديم أي محتوى موجه للأطفال، بما يضمن حماية النمو النفسي من دون إثارة مبكرة لتساؤلات تفوق جاهزية الطفل.
في المحصلة، ما يحدث اليوم في محتوى الأطفال لا يقتصر على إدراج شخصيات جديدة فحسب، بل يشكل استغلالًا متعمّدًا لبراءتهم وتأثيرًا نفسيًا مباشرًا عليهم.
هذا التلاعب بالوعي الطفولي يستدعي موقفًا صارمًا وحازمًا من الأهل والمختصين وعلماء النفس على حد سواء. الأطفال هم مستقبل المجتمع، وتحويلهم إلى أدوات لنقل رسائل جنسية أو توجهات معينة يمثل مسارًا خطيرًا يغيّر مفاهيمهم الأساسية بشكل غير صحي، مع آثار قد تستمر معهم طوال حياتهم.



