استراتيجية لتعزيز القطاع الحكومي في كلّ لبنان: مستشفيات الجنوب تُرمِّم وتُوسِّع… وتتحضر للأسوأ

راجانا حمية
لم تعد جميع المستشفيات الحكومية في الجنوب، إلى وتيرة عملها السابقة بعد، مع عدم انتهاء ترميم كلّ الأضرار التي خلّفها العدوان الإسرائيلي، عدا عن عدم توقف الاعتداءات، والمخاوف من شنّ عدوان موسع جديد.
رغم ذلك، أضافت بعض المستشفيات، بالتوازي مع أعمال الترميم، أقساماً وخدمات جديدة، كمستشفيي النبطية وتبنين الحكوميين، اللذين عادا إلى العمل بكامل طاقتهما. إذ يعمل مستشفى تبنين، وفقاً لمديره العام، محمد حمادي، على خطين متوازيين؛ الأول استكمال إعادة تأهيل ما تضرر من الحرب، والثاني العمل على إنهاء القسم الجديد. ويتوقع حمادي أن يصبح جاهزاً بعد ثلاثة أشهر تقريباً، على أن تُفتتح فيه أقسام غسيل الكلى والعلاج الكيميائي والتصوير الشعاعي الطبقي… وغيرها.
في هذا الوقت، يستكمل ترميم مستشفى بيت ليف الحكومي، الذي ألحقته وزارة الصحة، بمستشفى تبنين، علماً أنه يحتوي على 40 سريراً تقريباً. ووفقاً لحمادي، من المتوقع أن ينهي مجلس الجنوب إعادة تأهيله في شهر أو شهرين كحدٍّ أقصى.
ويُفترض أن يبدأ افتتاح أقسامه بالتدريج، «على أن نبدأ بأقسام الطوارئ والمختبر والأشعة والعيادات الخارجية، التي ستكون غالباً مخصصة لمعالجة الحالات المتوسطة وما دون، فيما تحول إلى مستشفى تبنين الحالات الصعبة أو التي تستوجب نوعية علاج معينة غير متوافرة هناك». وهذا مشروع، يقول حمادي، إنه سيعزّز من مكانة المستشفى ويزيد من مدخولها، «خصوصاً أن موقع مستشفى بيت ليف مركزي ويستقطب مرضى جدداً لقربه من بلدات كثيرة كرميش ودبل وعيتا الشعب وراميا وحانين… وغيرها».
استثمار للمستشفيات الحكومية بـ 100 مليون دولار، سيُخصص 30.5 مليون دولار منها لمحافظتي الجنوب والنبطية
هذا النشاط ينسحب على مستشفى النبطية الحكومي، التي تعمل اليوم «بكامل طاقتها»، يقول مديرها العام، حسن وزني. ويشير إلى أنه يستثمر «في المعدّات وافتتاح أقسام جديدة لزيادة المداخيل»، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «افتتاح قسم لطب العيون الذي يدرُّ مدخولاً للمستشفى، على اعتبار أنه غير مُكلِف كثيراً، لكون المريض الذي يجري عملية لا يحتاج إلى المبيت في المستشفى، ويمكن أن يخرج في اليوم نفسه».
هذه الاستراتيجية يتبعها وزني لإعادة الزخم إلى مستشفى النبطية، من دون أن يشيح نظره عن الأقسام الأساسية التي يعمل على توسعة خدماتها، عبر تحديث معداتها، لزيادة عدد المرضى. ولذا، وفّرَ «كل شيء من غسيل الكلى إلى العلاج الكيميائي والعنايات الفائقة، وقد جهزنا أخيراً قسماً لعمليات القلب المفتوح، رغم أننا أخّرنا افتتاحه، لأنه يحتاج إلى استقرار واستدامة».
أما مستشفيا ميس الجبل ومرجعيون، فلم يعودا إلى وتيرة عملهما السابقة، لعدم انتهاء عمليات إعادة التأهيل والعودة الخجولة للسكان.
«المحاربة» بالمستشفيات الحكومية
تقوم استراتيجية وزارة الصحة اليوم على «المحاربة» بالقطاع الاستشفائي العام، عبر تعزيز قدرات المستشفيات الحكومية. فتصيب بذلك «عصفورين بجحرٍ واحد»: فرصة منافسة القطاع الاستشفائي الخاص عبر افتتاح أقسامٍ جديدة وتحديث المعدّات الأساسية فيها، واستقطاب مرضى جدد، بما يُمكِّنها من تحقيق إيرادات جديدة، وعدم الاتّكال فقط على الخزينة العامة. وبذلك، تكون الوزراة قد حضّرت هذه المستشفيات قدر الإمكان، للتعامل مع أي تدهور أمني قد يحصل.
وانطلاقاً من هنا، يأتي الاستثمار الذي أعلنت عنه الوزارة أخيراً، وقيمته 100 مليون دولار أميركي، من البنك الدولي والبنك الإسلامي. فهو يستهدف «تعزيز المستشفيات كوحدات استشفائية متكاملة بمعدات أساسية في جميع المحافظات»، و«توفير الخدمات التخصصية على مستوى المحافظة، وتحديداً توفير خدمة التصوير بالرنين المغناطيسي MRI والتصوير المقطع PET SAN والعلاج الشعاعي RADIOTHERAPY».
وقد خصصت الوزارة 85 مليون دولار منه للمعدات، مقابل 15 مليون دولار فقط للمستشفيات. وهي كانت قد افتتحت أكثر من 100 قسم جديد في المستشفيات، عدا عن 5 مستشفيات جديدة، إما كانت متوقفة (بيت ليف ودير القمر وقرطبا) أو كانت تعمل بشكل جزئي (صور وقانا). كما أنهت «توزيع 30 جهاز CT SCAN و11 جهاز MRI و15 مختبر قسطرة و31 جهاز أشعة رقمي»، مع بلوغ عدد قطع المعدات الطبية الموزعة 2886 قطعة.
وحول التوزيع الجغرافي، سيذهب الجزء الأكبر من الاستثمار، وفقاً للوزارة، إلى محافظة النبطية (7 مستشفيات، 20 مليون دولار)، فجبل لبنان (7 مستشفيات، 17 مليون دولار) وبيروت (مستشفيان، 15 مليون دولار) والشمال (8 مستشفيات، 15.5مليون دولار) والجنوب (5 مستشفيات، 10.5 ملايين دولار)، ومن ثم بعلبك – الهرمل (مستشفيان، 9.5 ملايين دولار) والبقاع (4 مستشفيات، 8 ملايين دولار) وعكار (مستشفى واحد، 3 ملايين دولار).
الاخبار



