الصفحة الاجتماعيةمقالات وقضايا

اللبنانيون ”يتروقّون“ بـ ملياري دولار.. الألبان والأجبان: فرصة إستثمارية واعدة!

بسام كرم

يُعدّ سوق الألبان والأجبان في لبنان من أكبر الأسواق الغذائية من حيث حجم الإنفاق، ويعتمد بشكل كبير على المنتجات المستوردة إلى جانب الإنتاج المحلي. وقد تجاوزت قيمة واردات هذه المنتجات خلال العقد الماضي ملياري دولار، في مقابل أكثر من 42 مليون دولار للصادرات. هذه الفجوة الكبيرة تمثل فرصة استثمارية واعدة، إذ يمكن للمصنّعين زيادة الإنتاج لتغطية جزء من الواردات وخفض العجز التجاري.

ويلعب الابتكار والتسويق دورًا حاسمًا في نجاح المشاريع الجديدة ضمن هذا القطاع. وبرز مؤخرًا دليل واضح على ذلك مع ظهور منتجات اللبن اليوناني (Greek Yogurt)، التي أحدثت ثورة في السوق وظلت حديث الناس لأشهر، واستقطبت عددًا كبيرًا من المنتجين لتلبية الطلب المتزايد.

ورغم هيمنة العلامات التقليدية، شهدت السنوات الأخيرة بروز مزارع ومصانع عصرية حقّقت نجاحات ملموسة، واكتسبت تدريجيًا ثقة المستهلك المحلي. ويؤكد نجاح هذه النماذج أن الاستثمار في مزارع حديثة بمعايير عالية يمكن أن ينافس المنتجات المستوردة، خصوصًا إذا أحسن أصحابها الإدارة وبناء العلامة التجارية والتسويق.

كذلك، تلعب سلامة الغذاء دورًا جوهريًا في ثقة المستهلك، وأصبح هذا الأمر أكثر أهمية في ظل انتشار متزايد لأصناف مغشوشة في الأسواق. فقد شهدت السنوات الأخيرة كشف منتجات ألبان وأجبان غير مطابقة تحتوي على مواد خطرة، وتُصنع في معامل غير مرخّصة ضمن ظروف غير صحية.

وتعتمد كلفة تأسيس مصنع صغير لإنتاج الألبان والأجبان على حجم المشروع والتكنولوجيا المعتمدة. فمن الممكن إنشاء معمل صغير بالقرب من مناطق ريفية تكثر فيها مزارع الحليب برأس مال يتراوح بين عشرات إلى بضع مئات الآلاف من الدولارات، تشمل المعدات الأساسية مثل آلات البسترة والتعبئة والتبريد، وتجهيزات المصنع، إضافة إلى النفقات التشغيلية وميزانية التسويق والولوج إلى الأسواق.

وفي ظل الأزمات المتلاحقة التي عصفت بلبنان – من الأزمة المالية عام 2019، مرورًا بجائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت، وصولًا إلى تداعيات الحرب الأخيرة – تنامت مبادرات الدعم من جهات مانحة دولية للمشاريع الإنتاجية، خاصة في قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية. ولا يزال المناخ مؤاتيًا للحصول على دعم مالي وفني للمشاريع المبتكرة التي تتبنى أساليب حديثة وتلتزم بمعايير الجودة، إلى جانب إقامة شراكات استراتيجية تعزز فرص النجاح وتخفف المخاطر.

وإلى ذلك، يتمتع لبنان بميزة تنافسية مهمة على صعيد الموارد البشرية المؤهلة، إذ تتوافر مجموعة واسعة من الخريجين والمتخصصين في علوم وتكنولوجيا الغذاء وهندسة الصناعات الزراعية، يمتلكون المعرفة النظرية والخبرة العملية اللازمة لإنشاء المصانع وتشغيلها.

لذلك، فإن المستثمرين المحليين والمغتربين مدعوّون إلى اقتناص هذه الفرص الواعدة وتأسيس مشاريع تلتزم بمعايير الجودة العالية. بالإبداع والتخطيط السليم، يمكن تحويل أزمة الاعتماد على الاستيراد إلى قصة نجاح للصناعة الوطنية، تحقق أرباحًا مستدامة، وتخلق فرص عمل، وتدعم الاقتصاد والأمن الغذائي للبنان على المدى الطويل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى