الصفحة الاجتماعيةمقالات وقضايا

البالة في لبنان: خيار الفقراء يتحوّل إلى موضة!

ربى حداد

في ظل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ سنوات، أصبح سوق الملابس المستعملة، أو ما يُعرف بـ«البالة»، ظاهرة اجتماعية واقتصادية. لكن شراء الملابس المستعملة لم يعد مجرد خيار اقتصادي للفقراء، بل تحوّل إلى «صيحة»» بين كل طبقات المجتمع.

ويشهد لبنان إقبالًا متزايدًا على الملابس المستعملة، حيث تحوّلت بعض محلات البالة من بيع الملابس البسيطة إلى «أوتليت» تعرض «ماركات» أو قطعًا شبه جديدة، ما يجذب الباحثين عن الجودة بأسعار أقل.

ويؤكد تجار إلى أن نحو 70% من البضاعة تصل عبر معابر غير رسمية لتفادي الرسوم، بينما يدخل حوالي 20% بطرق قانونية، ويصل 10% كهبات من جمعيات خيرية خارج لبنان. في المقابل، توجد مشاريع منظمة مثل FabricAID التي تجمع الملابس، تعقّمها، ترتبها، وتبيعها بأسلوب يعزّز الاقتصاد الدائري والمجتمعات المحلية.

وتتفاوت الأسعار في هذه المحلات بشكل كبير بحسب النوع والجودة؛ ففي محلات مثل «بازار كسارة» في زحلة، يراوح سعر القطعة بين 30 و60 ألف ليرة، بينما تعرض بعض الـ«أوتليت» ماركات بأسعار قد تنافس الملابس الجديدة.

وتنتشر محلات البالة في مناطق شعبية مثل صبرا، برج حمود، البقاع، الجنوب، وسوق الأحد، وتشهد حركة نشطة. كما يمتلك بعض المشاريع مثل FabricAID فروعًا متعددة، بينها “Souk l Khalanj” للخياطة، و”Second Base” لقطع فريدة، و”Souk Okaz” لعرض ماركات معينة، بينما يعتمد البعض على البيع الرقمي عبر إنستغرام وفيسبوك لتفادي تكاليف التشغيل.

«بازار بيروت»، وهو بالة بالوزن بالقرب من كنيسة مار مخايل، يجذب جمهورًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي وعلى أرض الواقع. يفتح البازار أبوابه أيام الجمعة والسبت والأحد أسبوعيًا، ويصل سعر الكيلو أحيانًا إلى 25 دولارًا. وللبازار 27 ألف متابع على إنستغرام، ويقوم أسبوعيًا بتسويق المنتجات عبر بث مباشر من المحل، ومقابلات مع الزوار لتأكيد جودة المعروض وكثافة الإقبال.



تطبيق رقمي

بين صفحات إنستغرام ومجموعات الشباب، خطرت فكرة بسيطة، لكن ثورية، لعمر الزعتري ومحمد قبيسي: كيف يمكن تحويل الهوس بالملابس المستعملة إلى تجربة رقمية منظّمة تصل إلى كل اللبنانيين؟

عمر، خريج علوم الحاسوب، ومحمد، المتخصص في التسويق، جمعهما شغف واحد: تسهيل تجارة الملابس المستعملة («ثريفت شوب») بطريقة آمنة وسهلة. هكذا وُلد تطبيق “Balaioapp”، الذي يمكّن كل شخص من شراء ما يحتاجه وبيع ما لم يعد بحاجة إليه، من دون الحاجة للانخراط في صفحات متعددة على إنستغرام أو انتظار المتابعين.

منذ العمل على التطبيق قبل 9 أشهر، نجح الفريق في ضم 14 متجرًا من مختلف مناطق لبنان، من صبرا إلى بيروت، مرورًا بالبقاع والجنوب، ليصبح منصة حقيقية تجمع بين البيع الرقمي والتسويق الشخصي.

التطبيق لا يقتصر على تسهيل عمليات البيع والشراء فقط، بل يضيف عنصر الثقة: إدارة الدفع عند الاستلام، تسليم القطع، تقييم جودة الملابس، ونظام للإبلاغ عن أي مشكلة، كلها تحت سقف واحد. يتيح التطبيق للمتاجر تحقيق انتشار أوسع، وللمستهلكين الوصول إلى قطع مميزة بأسعار معقولة.

يوضح قبيسي لـ«عكس السير»: «ليست كل الملابس المستعملة رخيصة. هناك قطع فاخرة وماركات مميزة، والمشتري اليوم يبحث عن أصالة القطعة وليس السعر فقط»، فيما يشير الزعتري إلى أن «من يشتري الملابس المستعملة يريد قطعًا فريدة بعيدًا عن الصناعة السريعة. ومع وجود التطبيق، أصبح من السهل على الجميع اكتشاف المتاجر والقطع المميزة».



كيفية عمل التطبيق

* يدفع المستهلك نقدًا عند الاستلام، ويتم تسوية رصيد المتجر على الفور.

* نظام العمولة على التطبيق: من 0 إلى 99 دولارًا لا توجد عمولة، من 100 إلى 149 دولارًا يتقاضى التطبيق 12.5٪، وفوق الـ 150 دولارًا تتراجع العمولة إلى 10٪.

* يمكن للمستخدم إنشاء حساب على التطبيق مباشرةً ونشر القطع التي يريد بيعها، لتظهر على الصفحة الرئيسية فورًا.

* عند اختيار قطعة معينة، يتولى التطبيق كل شيء: إدارة الأموال، التسليم، وتحمل المسؤولية عن كل ما يتعلق بالقطعة. كما يوجد نظام تقييم للقطع ونظام للإبلاغ للتحكم بجودة القطع.

مع Balaioapp، لم تعد تجربة تسوّق المستعمل مجرد خيار اقتصادي، بل تحوّلت إلى أسلوب حياة، يجمع بين الاستدامة، الموضة، وفرص الدعم الاقتصادي للمجتمعات المحلية. ويأمل الشابان ب أن يصبح التطبيق منصة لكل اللبنانيين لاكتشاف عالم الملابس المستعملة بطريقة منظمة وآمنة.

التحديات والمخاطر:

* غياب الرقابة الصحية: بعض الملابس المستوردة قد تكون غير مغسولة جيدًا أو لا تخضع لفحص كافٍ قبل البيع.

* التهرب الجمركي: يشكل جزءًا كبيرًا من السوق ويؤثر على الإيرادات الضريبية للدولة.

* التفاوت الكبير في الأسعار: رغم أنها «بالة»، إلا أن بعض القطع العالية الجودة قد تكون مكلفة جدًا مقارنة بقدرة المستهلكين.

* الضغط على الأسواق المحلية: استيراد البالة قد يضرّ بصناعة الملابس اللبنانية، لأن التجار يفضلونها لربحيتها العالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى