اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

طرابلس: مظاهر حاضرة وتنمية غائبة

مايز عبيد

يتساءل من يتابع شؤون طرابلس: لماذا يتأخر التغيير بينما تزداد الفوضى والبطالة في صفوف شبابها؟ ومتى ستنتهي حالة المراوحة التي تعيشها طرابلس منذ عقود؟

تواجه مدينة طرابلس العريقة بتاريخها وثقافتها واقعًا مؤلمًا. بين أزقتها وأسواقها، وبين بيوتها العتيقة وشوارعها المزدحمة، يبرز غياب التنمية الحقيقية تمامًا، بينما تستمرّ حالة المراوحة في تثبيت الفوضى والحرمان. المشاريع التي يفترض أن ترتقي بحياة الناس وتوفر فرص عمل مستدامة تكاد تكون معدومة، حتى أن سقف المشاريع الإنمائية في المدينة يقتصر اليوم على إنشاء المطاعم فقط، لدرجة أن المطاعم المتواجدة في طرابلس حتى الآن لو وزعت على كل لبنان لكفته.


مدينة بلا مشروع
في المقابل، لا يوجد في المدينة أي مشروع حقيقي آخر: لا فندق واحدًا على مستوى متقدّم، ولا معامل صناعية قادرة على استيعاب اليد العاملة. النتيجة أن شباب طرابلس يواجهون بطالة متزايدة، بينما المدينة تُعطي صورة نشاطٍ فارغ لا يعكس الواقع القاسي. مهرجانات وفعاليات تحصل لكنها وللأسف، كلّها بلا جدوى حقيقية، فهي لا تلغي الحرمان، ولا تخفف المعاناة، ولا توفر فرصًا للتغيير الجذري.

عاصمة ثقافية ولكن
يشبّه متابعون الأمر بلقب حظيت به المدينة العام الماضي… طرابلس «عاصمة الثقافة العربية 2024»، وكان من المفترض أن يكون منصة حقيقية لإبراز المدينة على المستويين الإقليمي والعالمي. لكن العالم لم يشهد من هذه الفعالية على مدار سنة كاملة إلّا بعض الأنشطة التي لم يتجاوز تأثيرها اللحظة، كما القاعة التي نظمت فيها، ما يعكس فجوة كبيرة بين التسمية الفخمة والواقع على الأرض.

والأسوأ من ذلك، أن الفوضى السائدة في المدينة، بين الإدارة المتعثرة والسياسات المتقطعة والبيروقراطية المستمرّة، قادرة على قتل أي حلم للتغيير الحقيقي، لتبقى حالة المراوحة هي سيد الموقف.

الطبقة السياسية مشاركة في الإهمال
ولا يمكن تجاهل أن الطبقة السياسية التي أشرفت على طرابلس لعقود طويلة كان لها دور سلبي كبير، ومع ذلك، لا تزال تحاول من موسم انتخابي إلى آخر التجديد لنفسها، شخصيًا أو بواسطة أحد أبنائها، على حساب مستقبل المدينة وأهلها.

طرابلس اليوم ليست مجرّد مدينة، بل هي رمز للصمود والكرامة والخيبة في آن واحد. المدينة التي تحمل روح التاريخ والثقافة، تظهر للعالم حيوية ونشاطًا، لكنها في العمق تئن تحت وطأة غياب التنمية، البطالة، الفوضى، وحالة المراوحة المستمرّة. طرابلس اليوم تحتاج أكثر من المظاهر السطحيّة، تحتاج إلى رؤية حقيقيّة وخطط إنمائية ملموسة، تضع الشباب في قلب التنمية، وتعيد للمدينة كرامتها وتاريخها.

نداء الوطن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى