اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

إسرائيل والمسار اللبناني: المصلحة في السيناريوهات الصدامية

ماهر الخطيب

على وقع النقاش الداخلي المفتوح حول ملف سلاح “حزب الله”، لا سيما بعد القرارات التي كانت قد صدرت عن مجلس الوزراء، يأتي التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر، الأمر الذي لا يمكن أن يُفصل عن المسار المحلي، حيث الأنظار تتجه إلى كيفية تعامل الحكومة مع الخطة، التي كانت قد كلفت المؤسسة العسكرية بإعدادها، في ظل خلافات كبرى بين مختلف الأفرقاء السياسيين.


في هذا السياق، يمكن وضع التصعيد الإسرائيلي في إطار رسائل واضحة مفادها أن تل أبيب حاضرة لاستكمال ما تقوم به، منذ إتفاق وقف إطلاق النار، بغض النظر عن النقاش القائم على الساحة اللبنانية، خصوصاً أن سلوكها، في مختلف الساحات، يؤكد أن هذا المسار هو الذي تعتمده في المرحلة الراهنة، بدليل الخطوات التي تقوم بها في سوريا، بعد سقوط النظام السابق، بالرغم من الرسائل “الإيجابية” التي تصدر عن السلطة الإنتقالية في دمشق.


من حيث المبدأ، لا تريد تل أبيب الوصول إلى تفاهم مع لبنان، بدليل موقفها من الورقة الأميركية، الذي عبر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، قبل زيارة الوفد الأميركي الماضية إلى بيروت، عندما أشار إلى أنها تنتظر الخطوات التنفيذية قبل المبادرة إلى أي خطوة من قبلها، الأمر الذي كان من المعلوم مسبقاً أنه سيقود إلى المزيد من التعقيدات في المشهد الداخلي، في حين كانت واشنطن، بالإضافة إلى بيروت، تراهن على “ليونة” ما في الموقف الإسرائيلي.

هنا، لا يمكن تجاهل الهدف الإسرائيلي الأساسي، في المرحلة الراهنة، أي السعي إلى تكريس مناطق عازلة مع جميع دول الجوار، كواحد من الدروس المستخلصة بعد عملية “طوفان الأقصى، في السابع من تشرين الأول من العام 2023، وهو ما عملت على تطبيقه في سوريا ولبنان، طوال الأشهر الماضية، في وقت تؤكد مواقف مختلف المسؤولين فيها أنها ليست في وارد التراجع عنه في المدى القريب، على قاعدة أنه من ضرورات الأمن القومي.


ما تقدم، يقود إلى سؤال جوهري حول حقيقة الرغبة الإسرائيلية في الوصول إلى إتفاق، نظراً إلى أن ذلك لا يصب في خدمة هدفها الأساسي المذكور، بل على العكس هي تفضل الإستمرار في الواقع الحالي، الذي تمتلك فيه حرية الحركة، التي كانت تطالب بها في المفاوضات التي سبقت الوصول إلى إتفاق وقف إطلاق النار، ثم سعت إلى تكريسها أمراً واقعاً بغض النظر عن الموقف اللبناني الرافض خلال المفاوضات التي كان يتولاها الموفد الأميركي السابق عاموس هوكشتاين.

بالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء، التي تراقب تل أبيب تراقب مختلف النقاشات التي ترافقها، من الممكن التأكيد أن أكثر ما يهم إسرائيل هو الذهاب إلى المسار التصادمي، بين الجيش اللبناني و”حزب الله”، على قاعدة أن ذلك يساعدها في تكريس مسارها الخاص، من خلال التوسع أكثر في معادلة المنطقة العازلة، على قاعدة أن الأوضاع غير المستقرة في لبنان تتطالب هذا الأمر، خصوصاً أن هذا الواقع يتناغم مع موقفها من قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”.

بناء على ذلك، يمكن فهم موقفها السلبي من الورقة الأميركية، رغم إدراكها أن الأمر سيعقد مسار معالجة ملف سلاح “حزب الله” على المستوى الداخلي، نظراً إلى أنها تراهن على أن المسار التصادمي المذكور، خصوصاً إذا ما كانت الحكومة اللبنانية أمام مجموعة من الضغوط الخارجية التي تمنعها من التراجع أو تجميد القرارات التي كانت قد ذهبت إليها، للإنتقال إلى مسار آخر يحول دون تفجير الأوضاع برمتها.


في المحصلة، يبقى الأساس كيفية تعامل الأفرقاء اللبنانيين مع هذا الواقع الصعب، بشكل يحول دون تحقيق المصلحة الإسرائيلية، من دون تجاهل تأثير الموقف الأميركي، على إعتبار أن واشنطن هي الأكثر قدرة على توجيه المسار الذي ستسلكه الأحداث، حيث السؤال عما إذا كانت رؤيتها ستتلاقى مع رؤية تل أبيب، أم أن مصالحها تتطلب عدم الدفع نحو الخيار التصادمي، من دون أن يلغي ذلك معادلة إستمرار المواجهة بأشكال أخرى.

النشرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى