اخر الاخبارعربي ودوليهام

رسائل تركية تحذيرية بالنار: لا تخلي أميركياً عن «قسد»

عاودت تركيا قصف مواقع «قسد» بعد هدنة غير معلنة بين الطرفين، أعقبت قرار «حزب العمال الكردستاني» حلّ نفسه، وتوقيع اتفاقية 10 آذار بين الرئيس السوري في المدّة الانتقالية أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي. ومنذ مطلع الأسبوع، استهدف القصف الجوّي التركي محور سدّ تشرين في ريف حلب الشمالي الشرقي، في ما يبدو بمثابة ميدانية تحذيرية لـ«قسد»، بعد توارد معلومات ميدانية عن اشتباكات متكرّرة في أرياف حلب والحسكة والرقة. إذ جاء التدخّل الجوّي التركي عقب عدّة هجمات نفّذتها مجموعات من «الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة، استهدفت مواقع لـ«قسد» في محاور الباب وسدّ تشرين في ريف حلب، وسلوك ورأس العين في ريفَي الحسكة والرقة.

وبهذا الاستهداف، كسرت تركيا الهدنة غير المعلنة مع «قسد»، بالتزامن مع تأكيد المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، وجود مفاوضات مباشرة بين تركيا و«قسد»، تمثّلت في محادثات بين وزير الخارجية التركي حاقان فيدان، والقائد العام لـ«قسد». وعليه، فُسّر هذا التصعيد على أنه يحمل رسائل ضغط مزدوجة: على «قسد» من جهة، للتّوقّف عن المماطلة والمضي في تنفيذ اتفاق 10 آذار، وعلى الحكومة السورية الانتقالية من جهة أخرى، من أجل دفعها إلى التّوقّف عن منح الفرص لـ«الإدارة الذاتية»، والقيام بعملية عسكرية ضدّها.

وفي هذا السياق، يرى مصدر ميداني، في حديثه إلى «الأخبار»، أنّ ««قسد» تدرك أنّ تركيا تشكّل أحد أهمّ أسباب عرقلة أي تقدّم في الاتفاق الذي ينصّ على الشراكة في إدارة البلاد»، لافتاً إلى أنّ «أنقرة هي من تدفع دمشق نحو تفسير الفقرة التي تنصّ على اندماج «قسد» و»الإدارة الذاتية» في بنية الدولة، بأنها تحتّم حلّهما». وإذ يشير إلى أنّ «القصف التركي لا يزال محدوداً، حتى الآن، ولم يُسفر عن خسائر بشرية»، فهو يصفه بـ«الاستفزازات الجوّية»، موضحاً أنّ «هدفه سياسيّ، بالدرجة الأولى، في محاولة لإطلاق الرصاصة الأخيرة على الاتفاق».

الرؤية السياسية الأميركية بدأت تقترب من موقف العسكريين حيال الوجود العسكري في سوريا


ويضيف المصدر أنّ تركيا لا تزال «عاجزة عن الحصول، حتى الآن، على ضوء أخضر أميركي لشنّ عملية واسعة ضد «قسد»»، بينما يأتي القصف «للضغط على ضامني اتفاق 10 آذار وضامنيه، ومن بينهم واشنطن». ويرجّح، في الوقت نفسه، ألّا تُقدم أنقرة على أي تصعيد واسع قبل نهاية مهلة تطبيق الاتفاق أواخر العام، متوقّعاً أن «تحول الضغوط الأميركية – الفرنسية – البريطانية دون انجرار الطرفين إلى مواجهة عسكرية».

في موازاة ذلك، وعلى عكس تصريحات واشنطن بشأن نيّة تقليص وجودها العسكري في سوريا تدريجياً، وبدء إخلاء تدريجي لقواعدها تطبيقاً لقرار سابق، عزّزت القوات الأميركية قواعدها في محافظة الحسكة بعربات «برادلي» و«هامر». ورغم التقديرات الميدانية التي تحدّثت عن احتمال احتفاظ واشنطن بقاعدة واحدة فقط في سوريا، مع إخلاء قواعد أخرى في غضون أشهر، على غرار انسحابها السابق من «العمر» و«كونيكو»، إلا أنّ تحرّكاتها الميدانية في الآونة الأخيرة أظهرت العكس؛ إذ تمّ تنفيذ عدّة عمليات أمنية على الأرض، إلى جانب إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحيّة مع «قسد»، واستقدام عدّة دفعات من التعزيزات العسكرية، وتسيير دوريات في مناطق لا تحتضن قواعد عسكرية ثابتة كما هو الحال في دير الزور وعين العرب (كوباني).

وخلال اليومين الماضيين، نفّذ «التحالف الدُّولي» أربع عمليات أمنية في الشحيل والرقة وأريافها ضد خلايا تنظيم «داعش»، ضمن الشراكة المستمرّة مع «قسد» في مكافحة التنظيم. كما أجرى ستّة تدريبات ميدانية واسعة بالشراكة مع «قسد» في قواعد قسرك والشدادي والطلائع وغويران في ريف الحسكة، بهدف اختبار جاهزية القوات للعمليات العسكرية، وذلك بالتوازي مع عملية عسكرية أطلقتها «قسد»، بدعم من الأميركيين، لما قالت إنه «تتبّع لمجموعات كانت تنوي الهجوم على سجون التنظيم في الحسكة».

وإزاء ما تقدّم، يلفت مصدر مطّلع، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى وجود تباين داخل الإدارة الأميركية حيال الوجود العسكري في سوريا، لكنّه يشير إلى أنّ «الرؤية السياسية بدأت تقترب من موقف العسكريين، مع تصاعد نشاط داعش بعد سقوط نظام الأسد، وبعد أحداث السويداء والساحل». ويرجّح المصدر أن «تتحوّل مناطق سيطرة «قسد» إلى قاعدة أساسية للوجود العسكري الأميركي، كما هو الحال في كردستان العراق»، لافتاً إلى أنّ «إجراءات واشنطن الأخيرة تعكس الرؤية الأميركية بالتمسّك بالتحالف مع «قسد» في سوريا».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى