88% من المؤسسات الصناعية لم تستأنف أعمالها بشكل طبيعي: المؤسسات المتضرّرة ليست على أجندة الحكومة

فؤاد بزي
تغيب في النقاش الداخلي حول التعويضات المستحقة للمتضرّرين من الحرب والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة أيّ إشارة إلى المؤسسات، سواء الصناعية أو التجارية أو الخدماتية.
ففيما الدولة غائبة عن كل الملف المتعلق بإعادة الإعمار، كان تركيز حزب الله على تغطية ملفي إيواء أصحاب البيوت المدمرة، وترميم الوحدات السكنية وغير السكنية المتضررة، وهو الأمر الذي كلّفه حتى الآن 1.1 مليار دولار.
وهذا يعني أن المؤسّسات لم تحصل على تعويض متعلق بالمخزون والآلات وسواها من المسائل التي مسحتها وحدات حزب الله المعنية، إنما لم تلتفت الدولة إليها بتاتاً رغم تداعياتها الهائلة، إذ إنه بعد مرور 9 أشهر على انتهاء الحرب، بشكلها الأكثر عنفاً، صدر تقرير عن «إسكوا» ومنظمة العمل الدولية واليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي «UNDP» بعنوان «الآثار الاقتصادية الاجتماعية لحرب 2024 على لبنان»، يشير إلى أن 14 ألف مؤسسة تعرضت للاستهداف و88% من المؤسسات الصناعية لم تستأنف أعمالها بشكل طبيعي، فيما انخفضت معدلات التوظيف في القطاع الخاص بنسبة 25%.
وتتضاعف تأثيرات الحرب على المؤسّسات الإنتاجية بسبب طبيعتها الموصوفة بـ«المتناهية الصغر»، وفقاً لمنظمة الإسكوا.
إذ يشكل هذا الصنف من المؤسّسات «العمود الفقري للاقتصاد اللبناني ونسبتها 93% من إجمالي الشركات». وفي الحرب الأخيرة تعرّضت هذه المؤسسات للقصف المباشر، وتعرّض 55% منها لأضرار في مبانيها، ودُمّر 9% منها بشكل كامل، فيما تضرّر 7% بشكل كبير.
فأغلقت 15% من هذه المؤسسات أبوابها تماماً بعد الحرب، وعلّقت 75% منها أعمالها بشكل مؤقت، ما أدّى إلى تشريد القوى العاملة وانهيار في سلسلة التوريد.
الشركات التي تضم أقل من خمسة عمال سجلت أعلى معدلات إغلاق دائم
ويخلص التقرير المشترك، إلى تكبّد قطاعي الزراعة والصناعة أضراراً «كبيرة»، إذ استهدف القصف 14 ألفاً و748 شركة، و14 ألفاً و762 أصلاً زراعياً. وبحسب التقرير، وقعت أشدّ الأضرار على القطاع الصناعي في محافظة النبطية، حيث تضرر 31% من المؤسسات، تليها محافظة لبنان الجنوبي التي تضرّر فيها 23% من المؤسسات.
وبعد وقف إطلاق النار، وعلى مستوى لبنان، لم تستأنف سوى 22% من المؤسسات أعمالها بشكل طبيعي، بينما أغلقت 15% منها بشكل دائم، وتعمل 45% منها بطاقة إنتاجية منخفضة.
أما في المناطق الأكثر تضرراً بالأعمال العدوانية مثل محافظتي النبطية ولبنان الجنوب، فأغلقت 70% من الشركات أبوابها بشكل كامل، بينما حافظت 18% منها على عملياتها بشكل محدود.
وبحسب التقرير «كان فقدان رأس المال البشري من أهم عواقب الحرب». فمن بين 1165 مؤسسة شملها استطلاع الوضعين الإنتاجي والتشغيلي، أفادت 29% منها بأنّ «قوتها العاملة غادرت أو أصبحت غير متوافرة بعد الحرب». وحلّت محافظة النبطية في المرتبة الأولى، حيث فقدت 36% من القوى العاملة أعمالها، وحتى بعد وقف إطلاق النار بقيت 24% من القوى العاملة في المناطق الأكثر تضرراً بلا عمل.
لذا يعدّ التقرير الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر الأكثر تضرراً من الحرب. فالشركات التي تضم أقل من خمسة عمال سجلت أعلى معدلات إغلاق دائم. وهو ما يؤكد ضعف الشركات الصغيرة التي تفتقر إلى الموارد اللازمة للاعتماد عليها والقدرة على مواصلة عملياتها.
في المتوسط، 41% من الشركات الصغيرة، بما في ذلك المؤسسات التي يعمل فيها عامل واحد فقط، وتلك التي تضم ما يصل إلى تسعة عمال، تعمل جزئياً فقط.
ولمواجهة المخاطر، تلفت «UNDP» إلى محاولات انتقال المؤسسات الصناعية المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى مناطق أكثر أمناً. وبحسب النتائج الأولية للمسح، انتقلت 24% من المؤسسات بين عامي 2023 و2024، وكان السبب الرئيسي لعمليات الانتقال هي الحرب بنسبة 87% من عمليات الانتقال.
وحلّت محافظة النبطية في المركز الأول للمحافظات الأكثر تأثرًا بعمليات النقل، حيث أعلنت 38% من المؤسسات عن انتقالها، تليها محافظة لبنان الجنوبي بنسبة 24%، ثم بعبدا (الضاحية الجنوبية) بنسبة 18%.
وسُجِّلت أعلى نسبة من عمليات نقل الأعمال بين المؤسسات المتناهية الصغر، والتي يعمل فيها عامل واحد، بنسبة 24%، كما المؤسسات التي تضم من عاملين اثنين إلى أربعة عمال. أما الشركات الأكبر حجماً، وخاصةً تلك التي تضم 250 موظفاً أو أكثر، فلم تبلّغ عن أي عمليات نقل.
وهنا حدّدت المؤسسات احتياجاتها لإعادة إطلاق أعمالها من جديد، وحصل الحصول على التمويل على الأهمية القصوى، إذ طالبت به 80% من الشركات. ولم تغب أسعار الطاقة العالية عن بال الصناعيين، فطالب 40% منهم بالحصول على الكهرباء بأسعار معقولة، فيما لفت 35% إلى ضرورة إيجاد الدولة أسواقاً لتصريف منتجاتهم.
187 ألفاً
هو العدد التقريبي للمؤسّسات العاملة في لبنان في قطاعات الصناعة والتجارة والبناء والزراعة ومنها 174 ألفاً متناهية الصغر
الأخبار