بريد القراء

“الذعر الكوني”: بين الحقيقة والخيال… هل نحن على أعتاب غزو فضائي؟



بقلم الإعلامي سليم ناصر

في خضم ضجيج الأخبار وموجات الذعر التي اجتاحت الكرة الأرضية، ظهر خبرٌ فريد من نوعه: “رصد جسم فضائي ضخم يُعتقد أنه مركبة معادية تتجه نحو كوكب الأرض”. هذا العنوان كفيل بأن يشلّ أنفاس البشرية، ويشعل الخيال العلمي في أذهان الملايين. لكن، ما حقيقة هذا الادعاء؟ وهل نحن بالفعل أمام تهديد كوني أم مجرد فقاعة إعلامية أخرى؟

إن الغوص في تفاصيل الخبر يكشف سريعًا عن ثغرات علمية خطيرة تشكك في دقته.

أول تلك الثغرات تتمثل في موقع الجسم الفضائي المزعوم. وفقًا للمصدر الأصلي، فإن هذا الجسم يقع “بين كوكب الزهرة، وكوكب المريخ، وكوكب المشتري”. وهذا، ببساطة، تناقض فادح، لأن الأرض نفسها تقع بين الزهرة والمريخ، والمشتري يبعد بدرجة أكبر. إذاً، كيف يكون الجسم “على أبواب الأرض” وهو خارج نطاقها المداري أصلًا؟
كيف عرفنا ان ما تم رصده هو مركبة فضائية وليس جرم سماوي أو مذنب أو ما شابه؟
يمكننا من الناحية العلمية معرفة وتحديد ذلك من خلال متابعة سلوك مسار هذا الجسم حيث ان الاجرام السماوية تتبع مسارا ثابتا بينما ما تم رصده قام بتغيير مساره وسرعاته مما يقر بوجود ذكاء ما يتحكم به تماما كمن يقود طائرة في سماء الأرض.
أما الادعاء بأنه “مركبة معادية” فجاء دون أي دليل علمي ملموس. فمن غير الممكن — بحسب الإمكانيات الحالية — تحديد ما إذا كان هذا الجسم يحمل نوايا عدائية أو حتى معرفة طبيعته بدقة. المراصد الفضائية عاجزة حتى اليوم عن التقاط صور واضحة لبقايا مركبة أبولو على سطح القمر، فكيف لها أن تجزم بأن الجسم المجهول يحمل وسائل قتالية حربية من  مسافة خيالية؟!

ثم، كيف يُحكم على نية هذا الجسم بأنه قادم “ليشنّ حربًا على البشرية”؟ هل تم رصد إشارات عدوانية؟ هل تواصل معنا؟ هل غيّر مساره بطريقة ذكية؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات غائبة، مما يدفعنا إلى افتراض أمرين لا ثالث لهما:

الاحتمال الأول: أن تكون هناك بالفعل مؤشرات على وجود حضارة ذكية خارج كوكب الأرض، وأن الجسم المُكتشف هو أول تواصل غير مباشر معها. في هذه الحالة، يكون نشر الخبر جزءًا من اختبار نفسي واجتماعي لمعرفة كيف سيتفاعل البشر مع فكرة وجود كائنات عاقلة أخرى. هل سنخاف؟ هل سنتواصل؟ هل سنخوض صراعًا أو نتبادل المعرفة؟

الاحتمال الثاني: أن يكون كل ذلك مجرد حملة منظمة تهدف إلى إثارة الفوضى النفسية وتشتيت الرأي العام العالمي، ضمن أجندات سياسية كبرى قد لا تمتّ للفضاء بصلة. فالخوف سلاح فعّال، والذعر الجماعي قد يكون أداة ممتازة لتغطية ما يُحاك خلف الكواليس.

ومع أن موضوع الكائنات الفضائية لا يزال يراوح بين العلم والخيال، فإننا لا نستطيع تجاهل ما تُسمى بـ”الأدلة الدامغة” أو Hard Evidence، كحادثة تم توثيقها رسميًا ضمن أرشيفات المملكة المتحدة، سنتطرق إليها لاحقًا.

في الختام، تبقى الحقيقة ضبابية. لا وجود لدليل قاطع على عدائية الجسم المزعوم، ولا إثبات علمي على أنه مركبة ذكية، ولا حتى مؤشرات مؤكدة على اقترابه من الأرض. إننا ببساطة أمام معركة قد تكون بين الحقيقة والتضليل، بين العلم والتهيؤ، وبين المنطق والمبالغة.

فلنتريث… ولندع العلم يتكلم بدلًا من أن تسبقنا المخاوف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى