اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

هل التزمت أميركا التجديد لـ«اليونيفل»؟

آمال خليل

منذ خمس ليالٍ، تحوّلت سماء لبنان إلى شاشة عرضٍ لمرور الصواريخ الإيرانية… مشهدٌ بات جزءاً من سهرات الجنوب، أعاد شيئاً من الروح إلى مناطق أنهكها العدوان الإسرائيلي طيلة ثمانية أشهر.

من كفرشوبا إلى صور، قوبلت الشهب المضيئة بالتصفيق والرصاص والمفرقعات، في لحظات أنعشت معنويات جمهورٍ عاش الإحباط طويلاً، ووثّقها بعشرات المقاطع المصوّرة.

ورغم البهجة العابرة، بقي القلق مخيّماً. فالجميع يدرك أن ما يبدو مشهداً احتفالياً قد يكون مقدّمة لتمدّد الحرب، واحتمال انزلاق لبنان إلى قلب المعركة.

وسط هذه الأجواء المتوترة، يصل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، إلى بيروت اليوم في زيارة تستمر نحو أسبوع، قبل نحو شهرين من موعد التجديد لقوات «اليونيفل» العاملة في الجنوب. وقد فرض اندلاع المواجهة بين إيران والعدو الإسرائيلي تعديلات جوهرية على أجندة الزيارة، شكلاً ومضموناً.

في الشكل، كان مُنتظراً قيام لاكروا بجولة ميدانية على بعض المواقع الحدودية، ككفركلا وتلة الحمامص واللبونة، في أول زيارة من نوعها بعد وقف إطلاق النار. إلا أن عبور الصواريخ الإيرانية فوق الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة دفع المعنيين إلى إعادة النظر في هذه الجولة، مرجّحين اختصارها بزيارتين لمقر «اليونيفل» في الناقورة وثكنة الجيش اللبناني في صور.

أما في المضمون، فتتمحور مهمة لاكروا حول طمأنة الأوساط المحلية والدولية بأن التصعيد بين طهران وتل أبيب لن يجرّ لبنان إلى مواجهة مفتوحة، في وقت تُطرح فيه تساؤلات جدية عن مصير الجبهة الجنوبية في ظل تصاعد التوتر الإقليمي.

ميدانياً، لفت مصدر مطّلع على تطورات الوضع الحدودي إلى أن التصعيد في فلسطين المحتلة لم يترك أثراً مباشراً على جبهة الجنوب اللبناني. فرغم ما نقلته وسائل إعلام العدو عن إرسال أربعة ألوية من جيش الاحتلال إلى الحدود مع لبنان، أكّدت المصادر العسكرية اللبنانية أنه لم تُسجّل تحرّكات غير اعتيادية لجهة التعزيزات أو التحصينات.

وبحسب المصدر، فإن حال استنفار سُجّلت منذ فجر الجمعة، مع بداية المواجهة بين إيران وإسرائيل، قبل أن تعود وحدات العدو إلى وتيرتها الروتينية. فيما سُجّل أمس عبور عدد من جنود الاحتلال إلى ضفة نهر الوزاني للسباحة قبالة المنتزهات السياحية اللبنانية.

لا تمتلك «اليونيفل»، ولا الدول الكبرى المشاركة فيها، صورة واضحة عن نوايا العدو الإسرائيلي إزاء توسيع نطاق الحرب باتجاه الجبهة اللبنانية. فالمعطيات المتوفّرة لدى هذه الأطراف لا تتجاوز حدود المتابعة الحذرة والتقديرات المتغيّرة، ما يضعها أمام مجموعة سيناريوهات تتعامل معها كـ«متلقٍّ سلبي».

وبحسب مصادر متابعة، فإن أحد أخطر السيناريوهات المطروحة يتمثّل في «مقايضة أميركية» تضمن بموجبها واشنطن تحييد لبنان عن النزاع، مقابل التزام الحكومة اللبنانية بتفكيك سلاح حزب الله خلال فترة زمنية محدّدة.

في مقابل سيناريو يتحدّث عن احتمال إقدام العدو الإسرائيلي على استغلال اشتباكه مع إيران لتصفية حسابه مع الحزب، عبر تنفيذ اجتياح بري يشمل المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، وقد يمتدّ ليصل إلى نهر الأولي، في محاولة لربط الجبهة الجنوبية بجبهة الجولان، وصولاً إلى منطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري – الأردني – العراقي.

وفي حال طالت المواجهة، تبرز مخاوف من سيناريو ثالث لا يقل خطورة، يقوم على افتعال توترات أمنية داخلية أو إشعال فتنة طائفية، عبر تحريك مجموعات متشدّدة انطلاقاً من الحدود الشرقية مع سوريا.

ماذا عن «اليونيفل»؟
قبل أيام، زار وفد أميركي مدني معنيّ بتمويل المهمات الأممية مرجعيات عسكرية وسياسية في لبنان، بهدف تقييم مهمة قوات «اليونيفل» في الجنوب.

واستمع الوفد إلى وجهة النظر اللبنانية التي شدّدت على أهمية التمسك باستمرار عمل قوات حفظ السلام في ظل التصعيد الإقليمي.

وبحسب مصادر مطّلعة، نفى الوفد ما تم تداوله في وسائل إعلام إسرائيلية عن احتمال انسحاب «اليونيفل»، مؤكداً أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى إنهاء المهمة، بل تعتبر بقاءها ضرورياً في هذه المرحلة.

ولفت أعضاء الوفد إلى أن تقييمات حديثة صادرة عن سفارات الدول المساهمة في «اليونيفل» تُظهر أن إسرائيل نفسها ليست جاهزة لرحيل هذه القوات، لأنها لا تزال تشكّل «خط دفاع أولَ» لمنع تسلل أي مجموعات نحو الداخل الفلسطيني المحتل.

لكنّ الموقف الأميركي الداعم لاستمرار «اليونيفل» لا يعني بالضرورة الحفاظ على مهمتها وشكلها الحالييْن، إذ تشير مصادر مطّلعة إلى أن واشنطن تدرس إدخال تعديلات على مهمة قوات حفظ السلام، قد تشمل تقليص عديدها العسكري والمدني، أو خفض موازنتها، في سياق مراجعة شاملة للإنفاق الدولي، علماً أن الولايات المتحدة تساهم حالياً بنسبة 27% من موازنة «اليونيفل»، التي بلغت أخيراً 450 مليون دولار.

وبحسب المصادر، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو اعتماد سياسة «الضغط المالي»، كما حصل مع برامج تنموية أخرى، في حين تُحاك تفاصيل التعديلات بين تل أبيب ونيويورك وبعض العواصم الأوروبية.

في المقابل، حرصت المرجعيات اللبنانية على تقديم تقييم شامل لأداء «اليونيفل»، ستعرضه على لاكروا خلال لقاءاته التي ستستمر حتى نهاية الأسبوع. ويتضمّن التقييم توصية بفصل العمل السياسي عن مهمة حفظ السلام، والدعوة إلى عودة «اليونيفل» إلى مهمتها الأساسية كما حدّدها القرار 1701: دعم الجيش اللبناني، تعزيز الاستقرار، وحماية المدنيين. وذلك بعدما أدّت بعض سلوكيات وحداتها إلى توترات مع البيئة المحلية، نتيجة انحياز بعض وحدات «اليونيفل» إلى اصطفافات تستفزّ البيئة الحاضنة.

في هذا الوقت، تُحضّر «اليونيفل» لانتقال قيادتها من إسبانيا إلى إيطاليا، مع انتهاء ولاية الجنرال الإسباني أرولدو لاثاروا في 25 الجاري، وتسلّم الجنرال الإيطالي ديواتو أبانيارا مهامه خلفاً له.

الأخبار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى