العيد الـ 164 لقواه: «الأمن» ليس مجّانياً!

عمر نشابة
مرّت 164 عاماً على ولادة قوى الأمن الداخلي، أكبر مؤسسة معنية بأمن المواطنين في لبنان وسلامتهم. هذه المؤسسة تمرّ اليوم في مرحلة حساسة وواعدة، إذ إن قيادتها عازمة على تطوير قدراتها وزيادة عديدها ومتابعة تحديث تقنياتها التي تستخدم في مكافحة الجريمة وتعقّب المجرمين. وهي تمكّنت من التغلب على المصاعب التي واجهتها خلال السنوات الفائتة، ولا سيما تعرّض ضباطها وعناصرها لمخاطر كثيرة خلال قيامهم بواجباتهم، واستشهاد عدد كبير منهم.
نجاح رغم الصعوبات
لكن التحدي الأبرز الذي واجهته قيادة قوى الأمن كان ولا يزال الحفاظ على تماسك المؤسسة، وانضباط عناصرها، وتأمين الرواتب التي تحفظ العيش الكريم لهم ولعائلاتهم.
تسعى هذه القيادة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إبعاد الضباط والرتباء والعناصر عن السياسة والخلافات القائمة في البلد، وعن العصبيات الطائفية. ولا شك أن هذا الأمر ليس بسيطاً ولا يمكن أن ينجح إذا استمر تدخل القوى السياسية والطائفية في تعيين الضباط وعمل المخافر ودوائر التحقيق.
إحدى المشكلات التي تسهم في إرهاق قوى الأمن، مراكمة المسؤوليات عليها، رغم ما تعانيه من ضائقة مالية
إحدى المشكلات التي تسهم في إرهاق قوى الأمن، مراكمة المسؤوليات عليها، رغم ما تعانيه من ضائقة مالية ونقص في العديد والعتاد والآليات والمنشآت. إذ يُطلب منها اليوم تولي مسؤولية المكافحة لمخالفات البناء، وهي مهمة موكلة أساساً إلى الشرطة البلدية. كما يُطلب منها تولي مهمات التبليغات القضائية، رغم أنها ليست من مهماتها. ويطلب كذلك منها إدارة السجون، بينما يُفترض تأسيس مؤسسة متخصصة بتنفيذ العقوبات.
لكن قوى الأمن تمكنت من تنفيذ كل هذه المهمات، إضافة إلى مهماتها الأساسية في حفظ الأمن ومكافحة الجريمة وحماية المواطنين وممتلكاتهم. ونجح الضباط والرتباء والعناصر حتى الآن في التغلب على الصعوبات. غير أن ذلك لا يمكن أن يدوم طويلاً، إذا لم تحصل المؤسسة على الدعم المطلوب للاستمرار.
رفع الميزانية… ونبذ الطائفية
إضافة إلى الميزانية المناسبة لصيانة المخافر والمراكز العسكرية والنظارات والسجون والآليات ورفع الرواتب وتأمين الخدمات الطبية، تحتاج المؤسسة إلى تحديث قانون تنظيمها (القانون 17/1990) ليتوافق مع التغييرات الديموغرافية في لبنان، وتطوّر التقنيات العلمية في العمل الأمني.
كما تحتاج المؤسسة إلى زيادة عديد عناصرها وتطوير مستوى تدريبهم. وفي هذا المجال، لا بُدّ من تحويل معهد تدريب قوى الأمن الداخلي في عرمون إلى جامعة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية ووزارة التعليم العالي، لربط الاختصاصات الأكاديمية المتعلقة بالأمن والجريمة بتدريب عناصر وضباط الشرطة.
ومن الناحية الهيكلية والتنظيمية، لا بُدّ من عودة مجلس قيادة قوى الأمن إلى الانعقاد بكامل أعضائه ليتخذ القرارات المتعلقة بالمؤسسة. كما يتوجب العمل على إزالة بدعة تخصيص الوحدات والوظائف للطوائف والمذاهب.
فلا يجوز أن تكون قيادة الشرطة القضائية محصورة بالدروز وقيادة وحدة أمن السفارات محصورة بالشيعة وقيادة وحدة شرطة بيروت محصورة بالسنّة وقيادة وحدة الدرك محصورة بالموارنة وقيادة الأركان محصورة بالأرثوذوكس… إلخ. المطلوب تعيين الضباط بحسب الكفاءة، لا الانتماء الطائفي والمذهبي. لكن بكل أسف يُعدُّ هذا الطلب مثالياً وبعيد المنال، خصوصاً إذا تأخر السير في إلغاء الطائفية السياسية في الدولة بشكل عام.
الاخبار