اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

صناعة الأحذية في بنت جبيل تواجه المجهول

رمال جوني

داخل السوق التراثية في بنت جبيل يقع آخر مصنع أحذية، الوحيد الذي صمد، من بين 200 مصنع توقفت عن العمل… وحده الصناعي وسام الحوراني قرّر الصمود، وهو الذي ترعرع في المهنة.



حوالى 10 عمال يمارسون هذه الصناعة، أغلبهم من كبار السن، ممّن عايشوا الصناعة في مراحل ازدهارها ومن ثمّ انحدارها نحو واقعها المؤسف. جيل اليوم لم يتعلّم هذه الصناعة لأنها غير منتجة يقول الحوراني المنشغل في إصلاح إحدى آلات المصنع.



بين غرف المصنع الصغيرة حيث تتوزّع آلات تصنيع الأحذية التقليدية، تتعرّف على صناعة عمرها من تاريخ بنت جبيل، واحدة من أهم الصناعات التي خرّجت أجيالاً وعلّمت أجيالاً بحسب العاملين في المصنع.



مرّت عقود طويلة ونادر بزي يواصل عمله في المصنع، مهمته تحضير الحذاء، في حين يتولّى زميله قصّ الجلود التي يصنع منها الحذاء لتنتقل عملية تصنيع الحذاء من عامل إلى آخر حتى تصل إلى المعلم علي سعد، الذي كان يملك مصنعاً للأحذية في بنت جبيل قبل أن يقفله بسبب تدهور واقع الصناعة، ويتّجه للعمل في مصنع الحوراني، رافضاً التخلي عن الحرفة لاعتبارها بمثابة “الروح والحياة”.



يقتصر عمل المصنع حالياً على تصنيع الأحذية الرجالية، حسب الطلب، يقول سعد المنشغل في إنجاز حذاء جلد رجالي. يضيف أن المنافسة وعدم حماية الصناعة الوطنية ضربت صناعة الأحذية وجعلتها تواجه أزمة حادة.



وعن الصعوبات التي تواجه عمله يقول سعد، “فقدان اليد العاملة، ارتفاع أسعار المواد الأولية والمنافسة الداخلية… هذه الصعوبات تجعل الصناعة على شفير الانقراض”.



وفي هذا السياق، يلفت صاحب المصنع وسام الحوراني إلى تراجع إنتاج المصنع إلى أكثر من 70 في المئة، والحبل على الجرار  ويقول: “نعمل باللحم الحي من دون أي سند أو دعم وما ننتجه خلال أسبوع كنا ننتجه في يوم واحد والسبب عدم دعم الدولة الصناعة المحلية”.



يضيف الحوراني: “لقد مرّت صناعة الأحذية في بنت جبيل بعصرها الذهبي، كانت تضاهي الحذاء الإيطالي، وكلّ مصنع فيها ينتج 100 زوج أحذية في اليوم الواحد. لقد تراجع هذا العدد كثيراً، بسبب المضاربة وارتفاع كلفة المواد الأولية، وبدل أن تدعمنا الدولة ترفع الرسوم الجمركية على المواد الأولية، في وقت نواجه منافسة صينية شرسة”.



أعاد الحوراني ترميم معمله الذي لحقت به الأضراء من جرّاء الحرب وباشر العمل فيه إيماناً منه بعدم التخلي عن إرث بنت جبيل الصناعي ولأنها المهنة التي يحبها وتشكل مصدر رزقه.



أمام الواقع الصعب لصناعة الأحذية ومواجهتها خطر الإقفال يقول الحوراني، “لقد بقينا وحدنا وإذا فقدنا مقوّمات الصمود فستموت هذه الصناعة، لكننا سنواصل العمل حتى النفس الأخير”.



يتابع الحوراني: “لعلّ أبرز معوقات الصناعة ارتفاع كلفة المواد الأولية، والكهرباء واليد العاملة، وغياب شبه كلّي للدولة في التخفيف من فاتورة الكهرباء على الصناعيين والرسوم الجمركية على المواد الأولية… الدولة تحارب الصناعي وتدعم الاستيراد… إنها الحقيقة المرَّة في لبنان”.



أجمل صناعات الجنوب مهدّدة بالانقراض، فصناعة الأحذية مصيرها مجهول ووزراء الصناعة الذين زاروا المصنع اكتفوا بالتقاط الصور التذكارية، أما الدعم فذهب مع كل وزير تبوّأ سدّة الوزارة، في وقت كانت الصناعة المحلية تشكل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني. فهل تتلقّف وزارة الصناعة الجديدة واقع الحال قبل فوات الأوان؟

نداء الوطن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى