القنوات التلفزيونية والمنصات: صراع على التمويل الانتخابي!

في كل موسم انتخابي، تستعد القنوات التلفزيونية اللبنانية لجني مبالغ كبيرة تُصرف تحت عنوان الحملات الانتخابية. وخلال العقد الماضي، حصدت هذه القنوات ملايين الدولارات، واعتمدت آلية شبه متجانسة في تقديم خدماتها.
إلا أنه في الاستحقاق الماضي، أُثير نقاش حول إمكانية التوصل إلى تفاهم بين هذه القنوات على قواعد مشتركة، بحيث تقدم «باقة خدمات» موحدة للمرشحين، سواء كانوا منفردين أو ضمن لوائح.
غير أن ذلك لم يحل دون وقوع خلافات، ليس بسبب ارتفاع «تسعيرة» إحدى القنوات، بل على العكس. إذ اتهمت قناتا «المر تي في» و»LBC» قناة «الجديد» بتقديم عروض أسعار متدنية، ما أدى إلى مطالبة بقية القنوات بخفض أسعارها. علماً أن الباقة لم تقتصر على مقابلات أو تغطية إخبارية عادية، بل شملت شكل الظهور الإعلامي للمرشحين في برامج سياسية متعددة، مع تسعيرات تختلف بين البرنامج الصباحي والبرنامج السياسي الأبرز، مروراً بالتقارير في نشرات الأخبار، ووصولاً إلى فتح هواء البرامج غير السياسية للمرشحين تحت عنوان «تظهير الجانب غير السياسي» من حياتهم. وكانت قناة «المر» الأكثر «سخاء»، إذ استغلت شبكة برامج المنوعات التي تحصد نسب مشاهدة عالية لاستضافة مرشحين يقبلون شراء «الباقة الكاملة».
مصالحة بين الـmtv و»القوات اللبنانية» دون الضرر بمصالح الصحناوي
ومن جهة أخرى، يبرز دور الرعاية من جهة معينة لبعض المرشحين. فالمصرفي أنطون صحناوي، الذي يخصص موازنة كبيرة للموسم الانتخابي، لا يقتصر دعمه على الحملات الشعبية في مناطق المرشحين فقط، بل يشمل الحملات الإعلامية أيضاً. ويسعى صحناوي إلى توقيع عقود مع القنوات الثلاث، بحيث يدفع مبلغاً كبيراً على أن يتحكم في كيفية إنفاقه، ما يتيح له دعم مرشحين مغمورين إعلامياً من دون تكاليف إضافية.
كما يسعى صحناوي دائناً إلى تنظيم الاتفاق مع ميشال المر، صاحب «المر تي في»، ولا سيما بشأن برنامج مارسيل غانم، الذي يعدّ الأكثر مشاهدة بين اللبنانيين والمغتربين، إذ يسعى كل طرف إلى الاستفادة القصوى من البرنامج: المر لتحقيق نسب مشاهدة عالية، وصحناوي باعتباره شريكاً في تمويل الإنتاج الأساسي وبناء الاستوديو، إضافة إلى عقد العمل القائم بين مؤسسات الصحناوي وغانم نفسه.
في هذا السياق، تحدث بعض المسؤولين في القنوات عن ضرورة قيام الحكومة بتنظيم عمل المنصات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً إلى أنها تتحول إلى منافس قوي، مع انتشار واسع وأساليب إثارة تجذب المشاهدين وتقلص من حصة البرامج السياسية التقليدية، إضافة إلى احتمال أن تستقطب جزءاً من التمويل الانتخابي المخصص للقنوات، رغم أن بعض المنصات تدّعي تمويل نفسها من عائدات «يوتيوب»، التي تبقى محدودة جداً.
في الوقت نفسه، تتجه القنوات الثلاث إلى اعتماد سياسة تحييد تجاه جميع المرشحين، وفتح الهواء أمام كل الراغبين بالظهور، ما يفرض معالجة بعض المشكلات المستجدة، مثل العلاقة المتوترة بين المر والقوات اللبنانية، التي وصلت إلى حد مقاطعة القناة للاحتفال السنوي لـ«شهداء القوات» في الحرب الأهلية.
لكن الاتصالات أسفرت عن اجتماع مصالحة بين المر وسمير جعجع الذي وعد بمنع زوجته، النائبة ستريدا جعجع، من التدخل في ملف العلاقة بين الطرفين، خصوصاً أن أحد أسباب التوتر يعود إلى خلاف شخصي سابق بين المر والنائبة جعجع. فيما يعتبر المسؤولون في القناة أنه لا يمكن أن تكون علاقتهم بالقوات عبر رئيس جهاز التواصل فيها شارل جبور، بل يجب أن تكون العلاقة مباشرة مع جعجع نفسه. وقد حرص المر على نفي أي علاقة للصحناوي بملف العلاقة بين القناة و«القوات»، لإبعاد نفسه عن الخلاف بين الصحناوي وجعجع والذي يتخذ بُعداً أكثر تشدداً كلما اقتربت الانتخابات النيابية.
الاخبار



