اخر الاخبار

عودة النرجيلة إلى الأماكن العامة: جائحة أسوأ من كورونا

فيما لا تزال التعبئة العامة مستمرة في مواجهة فيروس كورونا، وتعقيباً على التعميم الذي صدر مؤخراً الذي يجيز إعادة السماح بتقديم خدمة النراجيل في المطاعم والمقاهي والمسابح والمؤسسات السياحية كافة، ضمن الأماكن الخارجية المسموحة فيها (Outdoor)، شرط الالتزام بعدد من الإجراءات والمعايير التي حددتها، أصدر عدد من رؤساء الجامعات ونقابات المهن الحرة والجمعيات الطبية والبيئية والمؤسسات الاجتماعية والمراكز الصحية وأمناء المدارس الكاثوليكية والإنجيلية والقطاع الخاص، بياناً شددوا فيه على وجوب منع النراجيل في الأماكن العامة.

بدورها تبنّت نقابة الأطباء البيان الاعتراضي مشددة على ضرورة الاستمرار في منع النراجيل في الأماكن العامة، في ظل استمرار أزمة كوفيد 19 وما بعدها، إضافة إلى تطبيق القانون 174 لما في ذلك من أهمية لحماية الصحة العامة.
وأكد نقيب الأطباء شرف أبو شرف في مؤتمر صحافي عقده يوم الجمعة 19 حزيران في بيت الطبيب أن “الدراسات العلمية أثبتت أن التدخين على أنواعه يزيد من خطر الإصابة بفيروس “كورونا” المستجدّ، لاسيما النرجيلة، من خلال تكرار حركات الاتصال بين الوجه واليدين، ومن خلال مشاركة مختلف أجزاء النرجيلة (حجرة المياه، والنربيش، والمبسم اي القطعة البلاستيكية التي توضع في الفم )، ومن خلال ضرب مبدأ التباعد الاجتماعي بعرض الحائط، وتدني المناعة، وزيادة الاستعداد لعدوى الجهاز التنفسي. كذلك فإن النرجيلة بطبيعتها تعزز بقاء الكائنات الجرثومية الحية فيها، مهما اختلفت وتشددت أساليب تنظيفها أو تعقيمها، إضافة إلى أن كل نفس نرجيلة يوازي 40 سيجارة”.
وتابع “لن ندخل في جدال حول إمكان وكيفية مراقبة تطبيق معايير تقديم النراجيل التي تحدث عنها تعميم وزارة السياحة، لأنه علمياً لا يمكن الحديث عن أي معايير صحية على الإطلاق لتقديم أو تعاطي النرجيلة، مع “كورونا” أو من دونه”.

التدخين وخطر كورونا
وأوضح أن “الابحاث تؤكّد أن التدخين يزيد من خطر حدوث مضاعفات شديدة تزيد مرة ونصف المرة عند المريض المدخن المصاب بالفيروس أكتر من أي شخص غير مدخن، وأن عدد المدخنين المصابين يوازي ثلاثة أضعاف عدد غير المدخنين. كذلك فإن المدخنين معرضون لخطر أعلى بحوالي مرتين ونصف للحاجة إلى أجهزة التنفس، وإلى العناية المركزة، أو الوفاة في حال الإصابة. ولوحظ ازياد نسبة وفيات مرضى “كوفيد-19” المدخنين بحوالي 38.5% مقارنة مع مرضى كوفيد-19 غير المدخنين.
ولفت أبو شرف إلى أن “لبنان يعتبر من أعلى الدول عالمياً بنسبة التدخين، ونسبة تدخين النرجيلة بين فئة الشباب من الأعلى عالمياً لا بل كارثية لمن هم دون الـ18 سنة (33% بين الإناث و41% بين الذكور) (من هنا تحرك الجامعات والمدارس خوفاً على جيل سيكبر مريضاً) في حين أن التدخين على أنواعه يقتل أكثر من 4800 شخص سنويًا في لبنان، ويحمّل الدولة تكاليف اقتصادية بحوالي 327,1 مليون دولار سنويًا على الأقل”.
وأضاف “في حين دعت المؤسسات الدولية للصحة العامة الحكومات إلى تعزيز تدابير مكافحة التبغ وسط جائحة “كورونا”، ويمكن أن تساهم هذه المكافحة في التخفيف من وطأة الفيروس على المدخنين، وتحقيق فائدة واستدامة للنظم الصحية على الأمد الطويل، بما في ذلك الحد من الخسائر الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية المرتبطة بالتدخين، ندعو الحكومة مجتمعة إلى عدم التفريط بما أنجز حتى الآن بما يتعلق بمحاربة “كورونا”، وعدم خوض مغامرة قد لا تحمد عقباها الصحية، ويمكن أن ترجعنا إلى المربع الأول تحت حجج اقتصادية واهية لقلة قليلة من المستفيدين لا توازي صحة اللبنانيين بشيء. لا بل ندعوهم إلى الرجوع عن قرار وزير السياحة الأخير والاستفادة من هذه المرحلة لتحصين صحة اللبنانيين ومساعدتهم على التخلص من جائحة أخرى اسمها النرجيلة لا تقل خطرًا عن الـ”كورونا”. وفي حين يمر نظامنا الصحي بأخطر مراحله، وتعاني مستشفياتنا من نقص حاد بالمواد الطبية لا سيما الأوكسجين، لا يمكن السماح بإعادة انتشار أكثر ما يسبب خطراً على الصحة العامة”.

نتائج حظر التدخين
ورداً على حجج المعارضين لقرار منع النرجيلة وتطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة، بأنه يكبد البلد خسائر اقتصادية هائلة، وسيتسبب بفقدان آلاف العمال لوظائفهم، أكّد أبو شرف أن “الأدلة العلمية الدامغة اثبتت العكس:
1- أظهرت دراسة محلية وطنية بالاستناد إلى بيانات وزارة المالية أن عائدات قطاع السياحة والضيافة ازدادت بنسبة 3 في المئة خلال التطبيق الكامل للقانون 174 بين أشهر أيلول إلى كانون الأول عام 2012.
البلدان الأخرى التي طبقت حظر التدخين في القطاع السياحي زادت إيراداتها (كتركيا بنسبة 5 في المئة وقبرص بنسبة 6.4 في المئة) أو لم يكن لديها تغييرات في الإيرادات (كالنرويج والولايات المتحدة وأستراليا)
2- أظهرت الدراسات في لبنان أن 83 في المئة من السياح يؤيدون حظر التدخين في الأماكن العامة
3- تحليل 20 سنة من العمل في المطاعم والحانات في الولايات المتحدة الأميركية لم يجد أي تأثير لمكافحة التبغ على معدلات التوظيف.
4- يموت 200.000 عامل في قطاع السياحة سنوياً في جميع أنحاء العالم جراء التدخين السلبي، في حين أن قوانين العمل تطلب بيئة عمل صحية للموظفين”.
وأوضح أن “لا توجد أساليب وقاية تحمي من خطر جائحتي “كورونا” والتدخين إلا عبر حثّ المواطنين على الإقلاع عن التدخين، وتطبيق القوانين والاتفاقات الدولية الملزمة للحد من التدخين. وعندما يصل الأمر حد الاختيار بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة، وبين ترك بعض الجهات فوق سقف القانون أو إرساء مبدأ دولة القانون والمؤسسات، فعلى الدولة اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لحماية صحة اللبنانيين، والتوفير على الخزينة العامة، وصون المقدرات الاستشفائية المتبقية. قد يقول البعض “لبنان وين وهن وين” .. لكن في الواقع هذا الأمر يوازي بأهميته ما يحصل. وإذا كان كل شي على حافة الانهيار في البلد فهذا لا يعني أن نستسلم، وعلى كل شخص أو مواطن أو جهة أن تقوم بواجبها والمطلوب منها”، مؤكداً أن “النقابة تعمل قدر المستطاع وحيثما وجدت لرفع شأن البلد، ولن نتأخر في بذل كل جهد ممكن للحفاظ على صحة الناس، وتطوير النظام الصحي والاستشفائي. وعندما يعمل كل شخص بقدر امكاناته، ينهض البلد من جديد ويقوم من السقطة التي وقع فيها. في افريقيا الجنوبية، منعت الدولة التدخين في الحدائق العامة للحيوانات حفاظاً على صحتها، فهل كثير علينا أن نحذو حذوها حفاظاً على صحة المواطنين؟”.
وختم “للمواطن حرية الاختيار شرط احترام حرية الآخرين وصحتهم. ونعمل في نقابة الأطباء للحفاظ على صحة الجميع عبر التوعية والوقاية والعلاج وفي كل المجالات الصحية والبيئية، وفي الغذاء والماء والهواء، ولن نتوانى عن القيام بواجبنا لرفع شأن المواطن ولبنان”.

المستهلك
من جهتها استغربت جمعية حماية المستهلك “قرار وزير السياحة السماح بتقديم النراجيل في المطاعم والمقاهي والمؤسسات الساحية كافة في ظل جائحة “كورونا”، وهي لطالما طالبت الحكومة بتطبيق القانون رقم 174 منع التدخين في الأماكن العامة الذي مضى على صدوره أكثر من 8 سنوات وما زال حبر على ورق…. وخصوصاً ان منظمة الصحة العالمية دعت الدول إلى الاستفادة من التعبئة للحد من التدخين”.
وأضافت في بيان “التدخين في ظل الجائحة يزيد من خطر المضاعفات الصحية ومن خطر الإصابة بفيروس “كورونا”، ناهيك عن مشاركة مختلف أجزاء النرجيلة، ما يضرب مبدأ التباعد الاجتماعي والمعايير الصحية، ويساهم في تدني المناعة ويزيد من الاستعداد لعدوى الجهاز التنفسي”.
وأيّدت الجمعية موقف نقابة الأطباء، داعيةً وزير السياحة إلى “التراجع عن هذا القرار فوراً حتى لا نضرب الجهود الصحية التي اتخذت لمواجهة الفيروس ونحافظ على المعايير الصحية المرافقة لها ولحماية صحة المواطنين”.


المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى