اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

اللبنانيون غير مؤهّلين لإدارة هاتف خليوي؟!
والمصريون يديرون منذ ١٩٥٦ قناة السويس!!

ذو الفقار قبيسي

إعلان وزير الاتصالات أن عملية استرداد قطاع الخليوي تسلك «المسار المتفق عليه»، ورغم انتهاء العقد مع شركتي الخليوي «تاتش» و«الفا» ما زالت إدارة القطاع تحت إدارة الشركتين بانتظار اعداد دفتر شروط لمناقصة عالمية جديدة تنتقل  بعدها إدارة القطاع الى شركتين عالمتين جديدة.


خلال فترة الثلاثة أشهر التي حدّدها مجلس الوزراء ولغاية انجاز المناقصة التي قد تحتاج لشهور إضافية.. هذا إذا انجزت!، في هذا الوقت تستمر الدولة في دفع ما يعود للشركتين طوال المدة التي تفصلنا عن موعد تسليم القطاع، اضافة الى تحمل الدولة طوال تلك المدة النفقات الباهظة للشركتين من واردات القطاع. فمن أصل ١٤ مليار و٢٤٠ مليون دولار طوال ١٠ سنوات حوّلت الشركتان لوزارة الاتصالات ٩ مليارات و٩٥٤ مليون دولار، ما دعا لجنة الاعلام والاتصالات الى المطالبة بالتحقيق في أوجه النفقات. 


وهكذا تستمر الشركتان في ادارة القطاع رغم انتهاء فترة العقد ولأمد غير منظور، وتحت ذرائع كان منها لوزير الاتصالات السابق بان إنهاء العقد يجب أن يحظى بموافقة مجلس الوزراء، رغم عدم وجود أي نص في العقد بهذا الشرط التعجيزي، وصولا الى الوزير الحالي الذي أبقى الشركتين على رأس الخليوي بانتظار الانتهاء من تلزيم القطاع الى شركتين جديدتين وبرغم طول الفترة التي تحتاجها هذه الاجراءات في بلد المحاصصات،  وبرغم كل الأكلاف الباهظة في ظل ادارة الشركتين الحاليتين، وتحت ذريعة ان الفريق اللبناني في الخليوي غير مؤهل لإدارة القطاع!! في حين أكثر العاملين في شركتي الخليوي يعرفون ان هذا الفريق هو الطرف التقني والاداري الفعلي الذي يدير الشركتين ومنذ سنوات وبفعالية وجدارة، وان الشركتين اللتين تشرفان على القطاع عبارة  هما «الشريك النائم» (Sleeping Partner) (أو ان الأمر كله ربما مجرد «تنفيعة» متعددة الأطراف في الداخل والخارج)، وبأتعاب سنوية للشركتين بـ ١٧ مليون دولار اضافة الى نفقات تهدر دون رقيب أو حسيب، ارتفعت ٢٨٩ مليون دولار عام ٢٠١٠ الى ٦٦٠ مليون دولار عام 2018 مع تناقص الواردات السنوية أخيراً من 1,1 مليار دولار الى ٨٩٠ مليون دولار. وهذا رغم ان كلفة الاتصالات الخليوية في لبنان هي بين الأعلى في العالم، إضافة الى وضع لبنان الخاص بوجود ملايين اللبنانيين في بلاد الاغتراب وحاجة اللبنانيين المقيمين الى التواصل معهم بالهاتف الخليوي سواء لأسباب عائلية أو اقتصادية، ما جعل المعدل الوسطي لانفاق الفرد اللبناني الواحد على الاتصالات  الهاتفية الخليوية تصل الى حوالي ٣٥٠ دولارا سنويا.


 وأما لجهة ان الفريق اللبناني في الشركتين غير قادر على ادارتها بما استدعى باستمرار تجديد العقدين للشركتين وصولا الى التمديد الأخير الذي أبقى الشركتين على رأس القطاع، فان هذا الوضع يعيد الى  الذاكرة الذرائع التي كان يتحجج بها البعض قبل تأميم الرئيس عبد التاصر لشركة قناة السويس وحتى بعد قرار التأميم، بأن الفريق المصري العامل في الشركة غير قادر على إدارة القناة لا تقنيا ولا اداريا!! ومع ذلك استطاع هذا الفريق الوطني بعد التأميم، إدارة القناة على أحسن وجه وبأفضل من الادارة البريطانية والفرنسية السابقة، وحققت الشركة المؤممة في ظل الادارة الوطنية المصرية ومنذ عام التاميم ١٩٥٦ أرباحا مضاعفة للخزينة المصرية، كما قال الرئيس عبد الناصر في  أحد خطبه وبالأرقام وبلغت حوالى 6 مليارات دولار في العام 2019.


فاذا كان يسهل على فريق وطني مصري إدارة شركة عالمية عملاقة بحجم قناة السويس، وبواردات بمليارات الدولارات، هل يصعب على فريق اداري وتقني وإداري لبناني، أن يدير شركة هاتف بواردات  سنوية تقل عن ٨% من الواردات السنوية لقناة السويس؟!


وإذا كان الذريعة الصحيحة عموما، ان القطاع العام أقل جدارة في ادارة الأعمال من القطاع الخاص، فان الصحيح أيضا ان بعض ما انتقل من العام الى الخاص تحول في بعص الحالات من «خصخصة» الى «لصلصة» وان في بعض القطاعات التي انتقلت من الاقتصاد الموجه الى الاقصاد الحر، أفضل ما ينطبق عليهما الصيحة الشهيرة لـMadame Roland عن مصير الحرية تحت مقصلة «الثوار»: o liberte que de crimes on commet en ton nom : «ايتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك»!.

اللواء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى